"بناء على طلبهم"، هذا هو السبب الذي ساقه القرار الجمهوري بإحالة تسعة من ضباط جهاز المخابرات العامة المصرية إلى التقاعد، في ظل غموض وحديث عن أسباب أخرى للقرار. وحمل قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرقم 242 لسنة 2015، وفق ما نشر في الجريدة الرسمية. وأحال السيسي أيضا مسؤولين رفيعي المستوى بالمخابرات إلى التقاعدلعدم لياقتهما الصحية، على أن يسري القرار اعتبارا من 2 يوليو/تموز المقبل. وبالتوازي مع حالة الغموض التي اكتنفت القرار، تبرز تساؤلات بشأن مدى إخفاق المحالين إلى التقاعد في القيام بمهامهم، خاصة ما يتعلق بالوضع في سيناء، ورغبة السيسي في قطع أذرعه القديمة لبدء مرحلة سياسية جديدة. وتذهب تكهنات محللين إلى هاجس السيسي من انقلاب رجاله عليه، خاصة بعد الرسالة التي وجهها المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين يوسف ندا إلى من سماهم المخلصين في الجيش المصري. وطالبت الرسالة بإعادة ترتيب الأوراق والتجاوب مع حقوق الشعب ومصالحه العليا، موضحا أن كل مصري يخشى مصير العنف وتفتت الدولة عليه التخلي عن كثير من حقوقه. وهاجمت وسائل إعلام مصرية موالية للسلطة رسالة ندا واعتبرتها تحريضا لمؤسسات الدولة على السيسي، لكن القيادي الإخواني نفى علاقة رسالته بإقالة وكلاء المخابرات. وقبل يوم من قرار السيسي، خرج القيادي في الإخوانوالوزير السابقيحيى حامد بتصريحاتبأن هناك أطرافا من داخل النظام -بينها ضباط في المخابرات العامة- تتواصل مع الإخوان. وتتبع المخابرات العامة رئيس الجمهورية مباشرة، ويعتمد عليها في تقديم تقارير تساعده في اتخاذ القرارات ووضع الرؤى عند دراسة المواقف. الهتيمي: إقالة الضباطتزامنت مع حديث عنمصالحة تنهيالأزمة(الجزيرة) غموض المشهد ورأى المحلل السياسي أسامة الهتيمي أن إقالة أعضاء جهاز المخابرات جزء من الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي المصري. وأضاف الهتيميللجزيرة نت أن الإقالة تزامنت مع حديث قادة بجماعة الإخوان المسلمين عن اتصالات تجريها شخصيات للدفع بمصالحة تنهي الأزمة المصرية. ووفق الهتيمي، فإنه لا يمكن تجاهل ما تكشف مؤخرا من توتر العلاقة بين السيسي والفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة عام 2012. وأوضح أن التوتر نتج عن اتهامات صريحة لشفيق بالمسؤولية عن تسريبات سجلت لمسؤولين بنظام السيسي، وعليه فإن لإقالة المسؤولين بالمخابرات خلفية سياسية وليست روتينية كما روج له. وفسر الناشط السيناوي عيد المرزوقي في حديث للجزيرة نت قرار الإقالة بأنه "تفريغ للجيش من المتعاطفين مع الإخوان"، وذكّر بما قاله السيسي سابقا بشأن الحاجة إلى تطهير الجيش ممن وصفهم بالعناصر الإخوانية. وتكشف الرسالة الأخيرة ليوسف ندا والتغيرات في التحركات العربية -خاصة بمنطقة الخليج- عن صراعبين جناح المخلوع حسني مباركممثلا في الفريق شفيق وبين السيسي. العزباوي:المحالونبلغوا سن التقاعد وبعضهمغيرلائق صحيا (الجزيرة) قرار قانوني واعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يسري العزباوي أن قرار الإحالة إلى التقاعدقانوني بعد أن بلغ المحالون سن التقاعد، ومنعت الحالة الصحية لآخرين دون مواصلة العمل. ولم يجد العزباوي في حديث للجزيرة نت أي دلائل لمحاولة انقلاب المحالين إلى التقاعد على السيسي، موضحا أن بعض وسائل الإعلام روجت للقرار باعتباره ثورة تصحيح لمسار الرئيس السياسي. وأضاف أن "المصريين ينتظرون قرارات توضح موقف السيسي من ثورتي 25 يناير/كانون الثاني 2011و30 يونيو/تموز 2013، فضلا عن القضاء على رجال الرئيس المخلوع مبارك والمنتشرين في مؤسسات الدولة". وفي الاتجاه نفسه، وصف قائد وحدة مكافحة الإرهاب في المخابرات الحربية سابقا اللواء سلامة الجوهري إجراء الإقالة بالطبيعي والقانوني. وأضاف الجوهريفي تصريح صحفي أن إحالة 11 وكيلا في المخابرات إلى المعاش قد يكون رقما كبيرا، لكنه لن يؤثر على عمل الجهاز. وكان السيسي قد أحال فيديسمبر/كانون الأولالماضي رئيس المخابرات العامة اللواء محمد فريد التهامي إلى التقاعد بعد أكثر من عام على توليه منصبه، وكلف محمود فؤاد فوزي القيام بأعمال رئيس المخابرات العامة، كما عين محمد طارق عبد الغني سلام نائبا له.