ظاهرة استفزاز المشاهير والمسؤولين وإخراجهم عن طورهم وتصويرهم بهدف الإضرار بهم والسعي لإيقاع العقوبات عليهم انتشرت بشكل كبير في السعودية، وأصبح كل من يريد إيقاع الضرر بأحدهم اللجوء للتصوير أو التسجيل وبثه في مواقع التواصل الاجتماعي لينتشر بشكل واسع ويأخذ صدى أكبر. الوسط الرياضي دوما هو السباق في كل أمر "غير جيد" ومنها تلك الظاهرة، ولا شك أن التنافس والتعصب والاحتقان وراء تلك الأسبقية، فالبدايات كانت من خلال تسجيلات صوتية، وتطورت الآن ومع الهواتف الذكية إلى تسجيلات "صوت وصورة"، وتضرر منها الكثير من لاعبي الأندية، ولعل آخرها ما حدث مع لاعبي النصر في أثناء مراسم تتويج كأس الملك التي أقيمت في جدة الشهر الماضي. تلك الظاهرة أصبحت أكثر خطرا من السابق وبدأت تتطور وتجاوزت الوسط الرياضي، وبدأت تلاحق المسؤولين في قطاعات عدة، ولعل آخرها ما حدث لمدير الشؤون الصحية في نجران الذي انتشر له مقطع وهو يطرد إحدى المواطنات وابنتها من مكتبه. وزير الصحة تفاعل مع المقطع الذي انتشر بشكل واسع في "تويتر" وتناقله عدد من القنوات الفضائية، وطالب بفتح تحقيق في الحادثة التي شغلت الرأي العام وما زالت تشغله والأغلبية يطالبون بمعاقبة المسؤول لأنه طرد المواطنة ولم يحترمها. شاهدت المقطع مرات عدة، وبكل أمانة أعجبني في مدير صحة نجران قدرته العالية على ضبط النفس والهدوء، حيث ظل صامتا لوقت طويل وهو يستمع لاستفزازات المرأة ورفع صوتها عليه وضربها العنيف بيدها على الطاولة، قبل أن ينفجر ويخرج عن طوره ليقول لها "اقلبي وجهك" ويطردها من مكتبه. أيضا المرأة التي لم تظهر في المقطع والتي قامت بالتصوير في حادثة نجران على ما يبدو ومن سياق الحديث أنها موظفة في القطاع الصحي وكانت تبحث عن نقل، ويجب أن تطولها التحقيقات التي أمر بها وزير الصحة، وأن تتم معاقبتها بأشد العقوبات لتكون عبرة لغيرها. لا نبرر "ردة الفعل" ولا نقرها ونطالب دوما الشخص المستفز سواء كان مسؤولا أو مشهورا، بأن يتحلى دوما بضبط النفس وألا يتجاوب مع الاستفزازات ويقابل الخطأ بخطأ، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نعاقب أيضا من يسعى للاستفزاز والتصوير بهدف التشهير والابتزاز وإلحاق الضرر بالآخرين.