قال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي إن المجلس الرمضاني يسعى إلى التأكيد على الدور الذي تلعبه ثقافة الحوار في تحقيق التواصل الإيجابي بين فئات المجتمع كافة، وتشجيع قيم التسامح والمحبة وقبول الرأي الآخر، تماشياً مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في إثراء الحوار بين الثقافات، وتبادل الآراء البناءة، وأضاف أن اختيار الرواية العربية موضوعاً لأولى جلسات هذا العام، ينبع من الشعبية الكبيرة التي تحظى بها الرواية المعاصرة بين القراء، باعتبارها مجالاً أدبياً واسعاً يستوعب الكثير من مفردات الحياة وتفاصيلها. جاء ذلك خلال حضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، مساء أمس الأول، في جزيرة المجاز في الشارقة أولى جلسات المجلس الرمضاني لمركز الشارقة الإعلامي، الذي اختار محور الرواية العربية موضوعاً ليفتتح به موسمه الرابع، الذي حقق نجاحاً لافتاً على مدار السنوات الثلاث الماضية، وأصبح من أكثر الفعاليات الرمضانية جذباً للنخب الثقافية والفكرية والإعلامية في الإمارات والوطن العربي. حضر الجلسة التي اتسمت بالعفوية والجرأة كل من: هشام المظلوم، رئيس مجمع الشارقة للآداب والفنون، ود. رشاد محمد سالم، مدير الجامعة القاسمية، ومحمد حمدان بن جرش، مدير عام المدينة الجامعية في الشارقة، وأسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي، وعدد من الكتّاب والروائيين الإماراتيين والعرب. شارك في الجلسة التي ناقشت محاور عدة أبرزها: (بدايات الرواية العربية والمراحل التي مرت بها، والمتغيرات الاجتماعية التي يواجهها كاتب الرواية العربي والأدب النسوي العربي)، أربعة من الروائيين العرب الفائزين بأرفع الجوائز الأدبية، وهم د. شكري المبخوت، التونسي الفائز بجائزة الرواية العربية (البوكر 2015) عن روايته الطلياني، والكويتي سعود السنعوسي، الفائز بجائزة البوكر لعام 2014 عن رواية ساق البامبو، والإماراتية ريم الكمالي التي استحقت روايتها سلطنة هرمز جائزة العويس للإبداع لعام 2015، والسعودية سارة مطر التي نشرت مؤلفات عدة أشهرها قبيلة تدعى سارة، وأنا سنية.. وأنت شيعي، وقدمت الجلسة، الإعلامية والشاعرة د. بروين حبيب التي استعرضت واقع الرواية العربية المعاصرة في الوطن العربي، وما تلاقيه من دعم وتحديات، مؤكدة الدور الكبير الذي تلعبه إمارة الشارقة في دعم الرواية والروائيين، بعدها بدأ د. المبخوت حديثه بالتأكيد على أن الرواية لا تستأذن أحداً في موعد أو مكان ولادتها، ولكنها تُخرج جميع المكبوتات إلى السطح، وتعكس ما نفكر فيه أو نتساءل عنه، وحول روايته الطلياني، أكد أنها مستوحاة من الأحداث التي مرت بها تونس في السنوات الأخيرة، وبطلها يساري التوجه لأن اليسار له رمزية خاصة في حركة النضال التونسي، وأضاف أن الرواية تعتبر أرشيفاً للوجع الإنساني، تصوره بطرق مختلفة حسب الكاتب ورؤيته. وأشار د. المبخوت إلى أن أساس الرواية كجنس أدبي يدور حول الصراع والقلق والحيرة التي يعيشها الإنسان، وهي تقدم شيئاً يستحيل على علم التاريخ أو علم الاجتماع أن يبرزه، وأضاف أن الوطن العربي يزخر بالقضايا التي تصلح لكتابة روايات حولها، ولكن الكاتب بحاجة إلى الجرأة، وأن يكون على تماس مع هذه القضايا، وأن الرواية يجب أن تظهر جمالنا وقبحنا في الوقت نفسه، ورفض المبخوت فكرة تفسير معاني الكلمات العامية في الروايات، معرباً عن ثقته بأن الرواية لا تتوقف على كلمة غير مفهومة لجميع القراء. وتناولت ريم الكمالي الظروف التي رافقتها في كتابة روايتها سلطنة هرمز، وقالت إن طفولتها التي عاشت خلالها في قرية خضراء تجري فيها المياه على مضيق هرمز، شكلت دافعاً لها لكتابة رواية تاريخية اعتمدت فيها على الكثير من المراجع والجهد البحثي، إضافة إلى السفر للإحساس بالخيال والتعبير عنه بالكلمات. وأكدت الكمالي أن السؤال يخلق الفكرة ويشجع على البحث، كما أن الرواية مرجعها الخيال، ومن خلال كتاباتها تريد أن تشاكس القارىء، وتلهمه للبحث والتفكير، مضيفة أنها تهتم بلغتها جيّداً، وتحرص على انتقاء مفرداتها، لكنها لم تنفِ أن تقنيات الكتابة الروائية شكلت هاجساً لها في البداية، نظراً لأن سلطنة هرمز كانت عملها الأول، ولفتت إلى أن الأحداث التاريخية لا تهمها، ولكنها تركز على الإنسان.. فالرواية حياة، والحياة ثرية بتفاصيل كثيرة تستحق أن تُروى. واعترف سعود السنعوسي بأنه شعر أثناء كتابته ساق البامبو بأنه يكتب سيرته الذاتية، ولكنه مع ذلك لا يهتم بتصنيف الروايات، ويترك هذه المهمة للقارئ، وأكد أنه رغم تجاوزه مرحلة فوزه بالبوكر من الناحية النفسية، لم تعد هذه الجائزة والخوف من تبعاتها يشكل هاجساً شخصياً لديه، لكنه ما زال يفكر في القارىء أثناء الكتابة، وكذلك بكل من سيقرأ الرواية أو يقيّمها في ما بعد. وأشار السنعوسي إلى أن روايته كانت صادمة لأبناء جيله فور صدورها، لأنها تناولت أموراً كانت غائبة عن الوعي الجماعي، ولكنه رأى أن الرواية بالمجمل تأتي لتشخص أوجاعنا وأخطاءنا، مضيفاً أن القضايا المحلية، لا تشكل عائقاً أمام الكاتب، بل يمكن أن تشكل منطلقا للعالمية وأعرب عن سعادته بهذه التجربة الموغلة في المحلية والتي نالت اهتماماً واسعاً. من ناحيتها، قالت سارة مطر: تلهمني الشخصيات التي يمكن أن تجدها في كل مكان، وأضافت أنها فخورة جداً بتخصصها في كتابة السيرة الذاتية أو اليوميات، رغم أنها أسهل من كتابة الرواية، وأكدت أنها تكتب حالياً مقالاتها في ست صحف عربية، وتحرص في الوقت نفسه على التوجه إلى المراهقين، الذين يهتمون بهذا النوع من الموضوعات والقضايا التي تتناولها في مؤلفاتها. وحول سبب لجوء المرأة إلى الكتابة، نفت مطر أن تكون المرأة الخليجية تبحث عن الشهرة من خلال الكتابة، وأكدت أن الكاتب عموماً يحاول أحياناً أن يحقق نصراً معنوياً عبر ما يكتب، فعندما تعيش قصة حب مثلاً وتفشل فيها لأي سبب، ستكتبها كي تشعر بأنك المنتصر، ولفتت إلى أنها نشرت الفصل الأول من أنا سنية.. وأنت شيعي في موقع إلكتروني، وحقق نجاحاً كبيراً، لكنها امتنعت عن الذهاب إلى الجامعة مدة عشرة أيام خوفاً من ردود الفعل على كتاباتها. وأقيمت الجلسة الأولى برعاية كل من ثقافة بلا حدود، المشروع الثقافي الذي يتخذ من إمارة الشارقة مقراً له، والدار العربية للعلوم، الناشر لروايات الكاتب سعود السنعوسي الثلاث: فئران أمي حصة، وساق البامبو، وسجين المرايا، ودار مدارك، الناشر لأربعة من مؤلفات الكاتبة سارة مطر: أنا سنية.. وأنت شيعي، وقبيلة اسمها سارة، وإنما أنت حبيبها، والنمرة غلط.