لعل أشهر قصص الأنبياء في القرآن قصة موسى، فلم تأتِ قصة أخرى كما أتت هذه، وذكرها الله سبحانه في مواضع كثيرة، ومن أبرز أوجه القصة البلايا التي نزلت بفرعون وقومه لما تمادوا في الكُفر والطغيان، فكان الله يؤدبهم بأنواعٍ من المِحَن الصغيرة حتى يعودوا للحق، وهذه ذَكَرَتها الآية 133 من سورة الأعراف، فقال سبحانه: «فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ»، فالطوفان أشهر معانيه هو الماء الكثير المُهلِك للزرع، ويذكر المفسرون أن موسى كان في مجلس فرعون يناصحه بعد بعض هذه العقوبات التي لم يستجب لها فرعون وعاد لحربه ضد الله وأهل دينه، وأثناء المجلس سمعوا نقيق ضفدع فقال موسى للطاغية: كيف لو أنَّ هذا سُلِّطَ عليكم؟ فضحكوا ساخرين وهتف فرعون: وماذا يقدر هذا أن يفعل بنا؟ فتكاثرت الضفادع تكاثراً هائلاً وملأت كل شيء، حتى أن الرجل يفتح فمه ليتكلم فيقفز الضفدع في فمه! وأما القُمَّل فليس قَمْل الشّعر المعروف وإنما هو سوسٌ يصيب الثمار فيتلفها، وكان اقتصاد مصر آنذاك قائماً على الزراعة، ومن هنا كان بلاء الجراد أيضاً من أشدها عليهم، فمثل الضفدع فالجرادة كائن صغير يحتقره الناظر، ولكن إذا اجتمعوا كانوا قوةً ضاربة، فلما عادت زروع مصر وكَثُر الخير عند الطغاة وفرحوا بها نزلت جيوش الجراد على المحاصيل فأبادتها عن بكرة أبيها في منظرٍ مدهش لم يُرَ مثله من قبل.