السياسة، شئنا أم أبينا أصبحت الضيف الثقيل على كل شيء في الحياة المملوءة أصلاً بالمتاعب، سياسة في الثقافة، سياسة في الفن، سياسة في الاقتصاد، والغريب، لا سياسة في السياسة. رمضان سوق استهلاكية مفتوحة ليست للأكل فقط، بل وللمسلسلات التي تزاحم الأخبار العاجلة، والتلفزيون يبثّ الخبر العاجل، أحياناً، قبل وقوع الحدث على الأرض، والمسلسل التلفزيوني هو الآخر حدث مباشر في رمضان، خصوصاً، إذا كان منقولاً بأهواء سياسية. مسلسل أستاذ ورئيس قسم للممثل عادل إمام، يرى البعض أنه متناقض، والتناقض يحمله فنان الكوميديا الأول في الوطن العربي صاحب الهلفوت وإحنا بتوع الأوتوبيس، فهل المسلسل كذلك، أم أن عادل إمام كذلك؟ الإجابة عند المتخصصين في الدراما التلفزيونية، فهؤلاء هم أهل الخبز، والمثل يقول أعطِ الخبز لخبازه. على أي حال تسييس الفن ليس عيباً، ولكن شرط الابتعاد عن المبالغات، وما يعجبك في عادل إمام، أنه يعرف هذه المعادلة جيداً، فالكثير من أفلامه مثل الإرهاب والكباب مغلفة بالكوميديا، لكن تحت قشرة هذه الكوميديا ثمة سياسة، بلا مبالغات. مادمنا في الفن والسياسة ورمضان، فمن المبالغ فيه حقاً تلك الكارثة التي حلت بعشرات الفنانين السوريين في إطار (وما أوسعه من إطار)، تداعيات الربيع السياسي العربي. التقرير الصحفي والحقوقي يقول: إن 22 فناناً سورياً قد قتلوا، وفي المعتقل 27 من خيرة صنّاع فن الشاشة الكبيرة والصغيرة، ولكن الطريف في الخبر، وهي طرفة سوداء بالطبع، أن هؤلاء الفنانين الذين يصنعون الجمال للروح قد قتلهم: داعش، والنظام السوري، والمعارضة التي تحارب النظام، أي لا يعرف الفن من أين يتلقاها ، النظام يقتل، والمعارضة تقتل، وداعش تقتل، والضحية الكبرى، الإنسان والفن. على بقاع من الأرض العربية يجري تصوير تراجيديا البشر بالكاميرات البطيئة، وفي التلفزيون هذر وسخف وكاميرا خفية وكوميديا بلهاء. إنهما تلفزيونان: تلفزيون الواقع وتلفزيون الواقع أيضاً؛ واقعان مكتملان أمام كاميرا التصوير البطيء. ومرة ثانية، أرأيت؟ إنها السياسة التي لو نأيت بنفسك عنها وفزت باستقلاليتك ورأيك الحرّ، لما كنت رمادياً ومراوغاً.. ومضحكاً إلى هذا الحد. yosflooz@gmail.com