×
محافظة مكة المكرمة

إقناع مريض بالعدول عن الانتحار بمستشفى بالباحة

صورة الخبر

تشكل ليبيا التي تقع أسيرة حرب أهلية متعددة الأقطاب، نموذجاً مأساوياً للحكومات المعترف بها دولياً، والعاجزة عن حكم بلدانها. وتدعي الحكومتان الليبيتان المتنافستان، في كل من طبرق وطرابلس، التمثيل الشرعي على مستوى البلاد، على الرغم من أن أياً منهما لا تحكم فعلياً بقايا المساحات التي تدعي وقوعها تحت نفوذه، حيث تكمن السلطة الفعلية في يد قادة الميليشيات والمجالس المحلية. فشلت كل مساعي التوصل إلى إحلال السلام، بعد أن تخلت حكومة طبرق، العائمة على سيل الدعم الدولي، عن المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، ورفضت المحاولات الأخيرة لوضع خطة تقاسم السلطة. وقد ألمح قادتها إلى إمكانية اللجوء للحل العسكري في حال فشل الحل السياسي. لقد حان الوقت لاعتماد الدبلوماسية الجادة بشأن ليبيا، لاسيما أن انقضاء مهلة التفاهم يهدد بتصعيد حدة الحرب الأهلية، وينذر بحالة من الفوضى تشكل خطراً ليس على ليبيا وحسب. يشكل انهيار ليبيا تهديداً لأمن الغرب، ولم تفض جميع المحاولات الدبلوماسية الدولية حتى الآن إلى بث الاستقرار، لأنها تسير وفق إيديولوجية ضيقة معادية للإرهاب والتشدد الديني. ولم يتم تخطي هذا العائق السياسي لأن الدبلوماسية الغربية تصب كل تركيزها على الجهة التي تريد إيصالها إلى السلطة، وليس تلك التي تعرف كيف تمسك فعلاً بمقاليد تلك السلطة. يتهدد أمن الغرب في ليبيا خطران جسيمان متمثلان أولاً في داعش وثانياً، بسيل المهاجرين إلى أوروبا، وهما خطران ينبعان تحديداً من طرابلس وغرب وسط ليبيا. وتحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى العمل بشكل حثيث على إشراك تكتلات السلطة وقادة الميليشيات على نحو يحدث فرقاً حقيقياً في التأسيس لسلام دائم. إلا أن الغرب يصر على الاعتراف والتعامل مع حكومة طبرق التي لا تسيطر فعلياً على زمام الأمور في ليبيا، لاسيما المناطق التي ينطلق منها المهاجرون. يتعين على السياسة الغربية في ليبيا، من أجل إنهاء المهزلة وإحلال السلام، أن تتغير بشكل جذري. تشكل مسألة الاعتراف الدولي سلعة مهمةً، إذا أبطلت مفاعيلها حفزت الأطراف المتناحرة إلى إيجاد أرضية تفاهم مشتركة. وقد تؤدي المعاملة التفضيلية لأحد تلك الأطراف على حساب الطرف الآخر إلى إفساد الوضع السياسي الليبي لعقود مقبلة. إذا اتبع الغرب سياسة حجب الاعتراف الدولي وقطع الإمدادات عن نظام المصارف الدولية، وعمد إلى فرض عقوبات متعددة الجهات بحق اللاعبين السياسيين المشاكسين، فقد يشكل ذلك خطوةً نحو البدء في إزاحة العقبات عن طريق عملية السلام. وفي نهاية المطاف، يتعين على أوروبا وأميركا أن يتعاملا مع الميليشيات مباشرةً، لاسيما التكتل القوي في مصراته، والذي يستطيع احتواء المقاتلين ووقف سيل المهاجرين. وإذا لم يحصل ذلك، فإن ليبيا ستظل محكومة بالشلل الناجم عن الأزمة السياسية، وغارقة في الدماء المهدرة على يد داعش، تطاردها أشباح المهاجرين اليائسين، الغارقين في المياه الأوروبية. مصالح أحرز تنظيم داعش منذ أواخر مايو الماضي، تقدماً عسكرياً ، فاستولى على مطار أساسي، واجتاح قاعدة عسكرية وفرض استسلام عدد من القبائل على الساحل الليبي. وتغادر يومياً السفن المهترئة المياه الليبية محملةً بسيل من الفارين نحو أوروبا، في تجارة مربحة تثري الميليشيات.