أرست وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الشفافية دفعت بقضايا كثيرة للواجهة. استدعى الحال أن يعيد كثير من المسؤولين حساباتهم بعد أن شاهدوا أنفسهم وهم يتعاملون مع قضايا الناس، ومع الناس أنفسهم بطريقة غير مقبولة. لكن العنصر الأهم الذي انفردت به هذه الوسائل هو تهديد موقع المسؤول إن هو تمادى في الخطأ، ولم يأخذ في الاعتبار أن صوت المواطن البسيط يمكن أن يصل إلى العالم كله، بمن في ذلك الرؤساء الذين يتخذون قرارات التعيين والإعفاء. في الجهة المقابلة، سعد كثيرون ممن شاهدوا حالات الفقر والعوز التي عرضت في مواقع التواصل الاجتماعي بداية، سعدوا بوجود هذه الوسيلة المتطورة لمناقشة وحل مشكلات المجتمع. كانت البداية جيدة وأوصلت كثيرا من الحالات إلى المسؤولين عنها. غياب المعلومات والمراقبة عن القطاع، وعدم وجود آليات تمكن المسؤول من الإحاطة بكل ما يدور في المنظومة التي يديرها، أسهما في تأكيد أهمية هذه الوسيلة في كشف التجاوزات والمساعدة في التعامل مع المخالفين. قضايا مثل دور الرعاية، وحال المستشفيات والمدارس والبلديات برزت للعلن. هذا يعني أنه لم يعد هناك عذر لأي مسؤول لا يتواصل مع الناس عبر هذه الطريقة التي أعتَبِرها أفضل وسائل الرقابة. إلا أنه ظهر أخيرا استغلال غير أخلاقي لهذه الوسيلة. الشخص الذي ادعى مرض ابنته معتمدا على صور مريضة في دولة أخرى، وذلك الذي ادعى أن البنك دفع به إلى الفقر واكتشفنا كذب كل المعطيات التي قدمها، وآخرون بدأوا سلوك مسلك استغلال هذه الوسيلة للحصول على الأموال أو الإساءة للآخرين. أدى الاستغلال السيئ لهذه الخدمة الرائعة إلى تفشي حالة من الشك في كل ما يشاهده الواحد منا في وسائل التواصل الاجتماعي. هذا أمر جيد، ويؤكد ضرورة التثبت. لكننا في الوقت نفسه نفقد وسائل دعم القرار أهميتها بشكل تدريجي إن تزايدت مثل هذه الحالات التي قد تكون استثناء اليوم. يدفع نشر معلومات مغلوطة إلى إشكالات عديدة. هذه الوسيلة تصل إلى كل أنحاء العالم، ما يؤدي إلى انتشار الإساءة للوطن، كما أن السلوك نفسه يسيء للمواطن نفسه، والأسوأ من هذا وذاك هو حرمان المحتاج ممن يوصل معاناته وفقد ثقة المسؤول، ما يؤدي إلى تفشي حالات الفساد والإساءة دون رادع.