أشرفت نيوزيلندا 2015 على نهايتها. فبعد 50 مباراة شارك فيها 24 فريقاً، بقي منتخبان اثنان فقط هما البرازيل وصربيا في السباق على لقب كأس العالم تحت 20 سنة اليوم. صحيح أن المواجهات بين أبناء أمريكا الجنوبية ونظرائهم الأوروبيين أصبحت بمثابة سيناريو مألوف في تاريخ كرة القدم، لكن لا يتجادل اثنان حول ترشيح الفريق الأكثر اعتياداً على بلوغ هذه المرحلة. ذلك أن البرازيل تخوض نهائي هذه المسابقة للمرة التاسعة، حيث سيدخل السيليساو المباراة الحاسمة باعتباره الطرف الأوفر حظاً لخطف لقبه السادس في تاريخ هذه المسابقة ومعادلة الرقم القياسي. من جهتها، تشارك صربيا في العرس العالمي للشباب للمرة الأولى كدولة مستقلة، علماً أن دولتها الأم يوغسلافيا كانت قد حققت فوزها الشهير في عام 1987. ومع ذلك، فقد وصل أبناء البلقان إلى النهائي عن جدارة واستحقاق، حيث من المتوقع أن يقُضُّوا مضجع البرازيليين في موقعة الحسم. بينما ينتظر الكل المباراة النهائية على أحر من الجمر، سيكون الجمهور على موعد مع طبق كروي شهي على ملعب نورث هاربور بمدينة أوكلاند حين تلتقي مالي والسنغال في قمة أفريقية خالصة لتحديد صاحب المركز الثالث، حيث من المتوقع أن يعيش عشاق الساحرة المستديرة يوماً كروياً تاريخياً في ملعب مليء عن بكرة أبيه. السنغال × مالي بالإضافة إلى رابطة الأخوة وحسن الجوار التي تجمع بين هذين البلدين الواقعين في غرب أفريقيا، هناك قاسم مشترك آخر بين مالي والسنغال: فلا أحد كان يتوقع وصولهما إلى هذه المرحلة المتقدمة من المنافسات. فقد أسر نجوم الفريقين قلوب الجماهير النيوزيلندية بأهدافهم الرائعة وشخصيتهم الفياضة، ولا شك أنهم سيحظون بكل الدعم خلال المعركة الضارية من أجل البرونزية. بيد أن ممثلي القارة السمراء أصيبا بإحباط كبير إثر سقوطهما في الدور قبل النهائي، وذلك لأسباب مختلفة جداً: فبينما سقطت السنغال بشكل مخزٍ أمام البرازيل، خسرت مالي في الوقت الإضافي ضد فريق صربي كان يقف على حافة الإختناق. كما يصل كل من الفريقين إلى مباراة المركز الثالث محروماً من لاعب أساسي بسبب الإيقاف، حيث سيدفع إيليمان سيسيه ويوسف كوني الثمن غالياً إثر طردهما في المربع الذهبي. ومع ذك فإن المنتخبين معاً يزخران بالكثير من المواهب في صفوفهما، وهو ما دفع المدربَين إلى تأكيد عزمهما على إنهاء مشوارهما الإيجابي في البطولة على نحو مثالي. البرازيل × صربيا السحر البرازيلي في مواجهة الصلابة الصربية. هكذا هو عنوان موقعة الحسم. صحيح أن الفريق الأوروبي يُعتبر بلا شك الطرف الأقل حظوظاً في نظر الترشيحات، حيث من المتوقع أن ينال الإجهاد البدني من أبناء البلقان بعد احتكامهم إلى الوقت الإضافي في جميع المباريات الثلاث التي خاضوها ضمن مرحلة خروج المغلوب. ولكن بالإضافة إلى روح التكاتف والصمود التي ميزت الفريق من بداية البطولة، لدرجة جعلت مدربه فيليكو باونوفيتش يقول في أحد تصريحاته “إن لدي 21 أسداً في تشكيلتي،” فإن صربيا تزخر أيضاً بمواهب فردية في منتخب وطني متوازن. فقد كان القائد بردراج رايكوفيتش واحداً من أفضل حُراس البطولة، بينما يضفي آندريا زيفكوفيتش ونيمانيا ماكسيموفيتش وسيرجي ميلينكوفيتش السحر والإبداع على خط الهجوم، ناهيك عن البديل المثالي إيفان سابونيتش، بطل ملحمة الدور قبل النهائي. وبالنظر إلى تشكيلة البرازيل، يتَّضح بجلاء لا غبار عليه سبب تصريح باونوفيتش الذي أكد فيه حاجة صربيا إلى تقديم “مباراة العُمر” إن أرادت الدفاع عن حظوظها في التتويج باللقب. فيبدو أن الصعوبات التي لازمت أبناء أمريكا الجنوبية في التصفيات والتحضيرات للبطولة أصبحت الآن جزءاً من الماضي تحت قيادة مدربهم الجديد الذي يتميز بنزعته الهجومية. وقد أكد روجيريو ميكالي عزمه على إحياء سمعة بلاده التي لطالما خلبت الألباب بأسلوبها الميَّال للمجازفة في الهجوم وكرة القدم الجميلة. وبالفعل، كان له ما أراد عندما أطلق لاعبوه العنان لمهاراتهم وموهبتهم في الطريق إلى سحق السنغال بخماسية نظيفة. صحيح أن العديد من اللاعبين تناوبوا على هز الشباك وتهديد مرمى الخصوم من مختلف المواقع سواء تعلق الأمر برأس حربة خالص أو بلاعبي خط الوسط، إلا أن هذا المنتخب البرازيلي لن يكون في نزهة يوم السبت. لاعب تحت الضوء كان أصحاب القميص رقم 10 في المنتخب البرازيلي يستحقون المتابعة دائماً خلال هذه البطولة، التي استمتعت من قبل بلمسات رونالدينيو وكاكا. ولعل جابرييل خيسوس ينوي الحفاظ على هذا التقليد وهو الذي أظهر قدرة فائقة على اللعب برشاقة وديناميكية، حيث خلب لاعب فريق شباب بالميراس ألباب المتتبعين بلمساته الخاطفة وحركاته المباغتة وانطلاقاته النارية التي تعجز الدفاعات عن إيقافها كما كان الحال ضد السنغال على سبيل المثال. والأكيد أن طريق صربيا إلى الكأس يمر عبر إيجاد السبل الكفيلة بكبح جماح هذا النجم البرازيلي الماهر. الرقم 502 – هو عدد الدقائق المتتالية التي مرت حتى الآن منذ آخر هدف تلقته البرازيل في نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة نيوزيلندا 2015، حيث تزامنت الخماسية النظيفة أمام السنغال مع رابع مباراة متتالية بشباك ناصعة في رصيد السيليساو.