×
محافظة المنطقة الشرقية

تكريم 53 متفوقا في تقنية الأحساء

صورة الخبر

قبل بداية كل شهر رمضان مبارك كالعادة، تواجهنا حملة غير مباركة؛ ضد قنوات الـmbc، بحجة الدين والغيرة على الدين. نعرف من يطلق هذه الحملة، بالاسم والصورة؛ ولكن لا نعلم بالتحديد من يقف خلف من يطلقها؛ أو على الأقل أنا لا أعلم. ومن الغريب والعجيب أن شخصيات دينية رسمية تتقلد مناصب لها شأنها في الدولة ركبت هذه السنة موجة الحملة على سلسلة قنوات الـmbc، حيث صدر في إحدى الصحف الإلكترونية خبر بأن الشيخ فلان صرح بأن "مجموعة إم بي سي، تروج للإلحاد ببرامجها، ولا بد من وقفة من ولاة الأمر". وتهمة ترويج الإلحاد هذه تهمة جديدة عليّ، لأول مرة أسمعها توجه لقناة فضائية، مهما كانت هذه القناة، عربية أم غير عربية. نعم أسمع عن مواقع إلكترونية تروج للإلحاد؛ ولكن قنوات فضائية، هذه أول مرة أسمع بها، ولكن هي عادة كل فكر مغيب أو غائب، يأتيك بالعجائب والغرائب واحتمال المصائب. وعند سماعك مثل هذه الحملة أو الحملات المشبوهة التي تشن عادة على أي قناة فضائية، يذهب بالك مباشرة إلى أن من يقف خلف من يشنها هي قناة أو قنوات منافسة، وهذا محتمل جدا. ولكن القنوات الذكية التي تدار بعقول ذكية لا تدير حملات بهذا المستوى المنحط ضد منافسيها. أي بأن المنافسة حق مشروع، بل ومطلوب بين الأشخاص أنفسهم، فما بالنا بين الشركات والمؤسسات الإعلامية وغير الإعلامية التي تتنافس مع بعض، لتقديم الخدمة نفسها أو المنتج نفسه في السوق نفسها، للناس أنفسهم. ولكن خرجت علينا قنوات لا تعترف بالخصومة ولكن بالعداوة والإقصاء، لكل من تعتقد بأنه ينافسها على جذب المشاهد منها. هذه القنوات التي أخذت حديثا تلوث فضائنا العربي هي قنوات ساذجة في طرحها، تقليدية في تناولها فقيرة في تمويلها، وتعاني سذاجة الطرح وغباء التناول وفقر الإمكانات المادية والفنية والبشرية، هي ألد أعداء أي وسيلة إعلامية تطرح نفسها كمنافسة في السوق الإعلامي. ناهيك عن تلك الوسائل الإعلامية التي تنصب نفسها؛ مدافعة ومنافحة عن فئة دينية أو فكرية أو ثقافية معينة، ضد كل الأديان والمذاهب والأفكار والثقافات؛ والفئات والأعراق إن لزم الأمر. ومثل هذه الوسائل الإعلامية البدائية، والتي تطرح نفسها على أنها المتحدث الرسمي باسم الدين أو الوطن، عندما تجد نفسها واقفة كقزم إعلامي أمام جبال وقمم الإعلام، يهولها وضعها فتستغيث بالمسؤول ليتدخل وينفخها ويقزم من غيرها. وطبعا هذا لا يكون ويستحيل أن يكون؛ فالمسؤول الرسمي نفسه لا يستطيع التدخل لصالح القنوات الرسمية التي يبذل كل جهده وميزانيته من أجل أن يجعلها منافسة وفي قمة المشاهدة، أو القراءة من بين جميع وسائل الإعلام المنافسة. ومن يدير هذه الوسائل الإعلامية الساذجة القزمة ما زال يعتقد أن المسؤول لديه القدرة على رفع وسيلة إعلامية على أخرى، وجعلها الأعلى مشاهدة أو قراءة، في هذا الفضاء العالمي المفتوح، السريع والمريع؛ دليل على أنه قد يكون يمت لأي شيء بصلة ما عدا الإعلام؛ فهو أجهل ما يكون فيه، ناهيك عن أن يديره أو يقوده ويدخل منافسا فيه. نحن هنا لسنا في صدد الدفاع عن سلسلة قنوات الـ إم بي سي؛ فلديها القدرة والإمكانات والخبرة على أن تدافع عن نفسها بنفسها، ولكن نحن هنا بصدد الدفاع عن أي قنوات ترفيهية أو إخبارية أو تعليمية أو رياضية، أو درامية أو موسيقية متخصصة؛ كون فضائنا بحاجة ماسة إليها، في زمن الرعب والأحزمة الناسفة وحز الرؤوس وتقطيع الأطراف، وبقر البطون وتفجير المساجد باسم الدين والوطن. عودة لما ذكره أحد الشيوخ أعلاه، بأن الـ إم بي سي، تنشر الإلحاد. أؤكد له أن من ينشر الإلحاد ويروج له هي تلك القنوات المسمومة التي تدعي أنها تتحدث باسم الدين، فتبث طائفيتها وسمومها وضغائنها ودسائسها بين شبابنا، وتحثهم على العنف وكره الآخر والانتقام منه، حتى ولو كان الشريك الوحيد في الوطن، وجعلت من خلال برامجها الغبية الساذجة مادة استغراب وتندر وسخرية بين الشباب والشابات؛ كونها تنافي الحياة والفطرة الإنسانية السليمة، ناهيك عن روح العصر. وهذا يا فضيلة الشيخ، هو من أدى ببعض شبابنا وشاباتنا إلى الإلحاد أو التفكير فيه والقادم أدهى وأمر. عندما كنا يا فضيلة الشيخ نشاهد فقط القنوات الترفيهية، حيث لا يوجد لدينا وقتها غيرها؛ لم يكن بيننا لا ملحدين، كما تدعي، ولا إرهابيين كما نكتوي بهم في كل زاوية وركن من عالمنا العربي الجريح بنيران التكفير والتفخيخ والتفجير والتدمير. لقد فشلت منابرنا التعليمية والدينية في مكافحة موجة الإرهاب التي أخذت تداهمنا في كل زاوية من بيوتنا، حتى أصبح أملنا الوحيد في مواجهة المدّ الإرهابي ومحاصرته ثم القضاء عليه هو القنوات الترفيهية والرياضية، والتي أوجدت لدى الشباب والشابات متنفسا إنسانيا خارج غبار البث الإرهابي الخانق في فضائنا. إذاً، نحن أمام معادلة إعلامية طرفاها القنوات الترفيهية والقنوات الدينية، وبما أن القنوات الدينية لم تستطع منافسة القنوات الترفيهية كما كانت تعتقد، بل ولم تستطع أن تقترب منها، شعرت بالأزمة والضائقة وبدنو الإفلاس وقرب الانهيار، فأخذت تشن حملاتها المغرضة ضد القنوات الترفيهية. طبعا لم تستطع اتهام القنوات الفضائية الترفيهية بالترويج للإرهاب والعنف وكره الآخر؛ ولذلك اخترعوا لها تهمة نشر الإلحاد، ورموها جزافا عليها. طبعا، هذه التهم ليست جديدة، بل قديمة قدم ظهور وسائل الإعلام الحديثة، ولكنها تتجدد في كل عصر حسب معطياته وبنفس الغباء والسذاجة التي تدعو إلى الرثاء والدعاء لهم. فلم يكن وقتها هنالك وسائل إعلام سوى المنبر الديني والتعليمي اللذين من خلالهما وحدهما تمت صياغة العقول وتوجيهها؛ وعادة ما يسيطر على هذين المنبرين أصحاب الفكر التقليدي الذين هدفهم المحافظة على المجتمع كي لا يتغير، ولو للأفضل، خشية أن يؤدي ذلك لما هو غير مضمون. وعندما خرجت وسائل الإعلام الحديثة في البداية مثل الصحف والمجلات ومن ثم الإذاعة والتلفاز أخذت تتراجع أمامها وبشكل دراماتيكي المنابر التقليدية، وبدل أن تحسن المنابر التقليدية من وضعها وتراجع مضامين وأساليب طرحها، فضلت مهاجمة وسائل الإعلام الحديثة، واعتبارها خطرا على البلاد والعباد، حيث كان يدعى في بعض الجوامع -آنذاك- على وزير الإعلام مع الدعاء على أعداء الأمتين العربية والإسلامية. إذاً، لا جديد فيما تتهم به سلسلة قنوات الـ إم بي سي، أو غيرها من القنوات الفضائية الترفيهية من نشر الرذيلة، فهذه التهم كانت تكال جزافا وبالجملة والمفرق لوسائل الإعلام الرسمية، في حينها، ولكن الجديد هو أن تتهم بنشر الإلحاد؛ وعليه فلن يكون جديد حين تتهم بأنها تنشر الإرهاب، وتتم مطالبة ولاة الأمر بالوقوف والتصدي لها؛ حفاظا على أمن البلاد والعباد.