في خطوة هي الأولى من نوعها منذ انتفاضة بنغازي على نظام العقيد معمر القذافي، انتشر الجيش الليبي أمس، في المدينة الواقعة شرق البلاد، لإعادة الأمن إليها، بعد تفجيرات واغتيالات شهدتها في الأشهر القليلة الماضية. في المقابل، انتقل مسلسل العنف إلى العاصمة طرابلس التي عاش سكانها تحت وطأة اشتباكات عنيفة بين الميليشيات استمرت أربع ساعات ليل الخميس – الجمعة. وانتشرت قوة كبيرة من الجيش الليبي في تقاطعات الطرق والساحات في بنغازي، فيما أعلن بيان لرئاسة الأركان إنّ «الجيش بسط سيطرته في الأماكن الرئيسية في المدينة»، وتعهد البيان «استخدام القوة الكاملة لحماية الأمن وتعقب المخلين به». وواكبت الانتشار الأمني على الأرض، مروحيات تابعة لسلاح الجو، نفذت طلعات استكشافية مكثفة في أجواء المدينة. وشاركت في عملية الانتشار في بنغازي، عناصر من «الصاعقة» والبحرية و «اللواء الأول مشاة» والشرطة العسكرية، وقوة من الدفاع الجوي، إضافة إلى وحدات من القوات البحرية. ويأمل سكان المدينة بأن يؤدي هذا الانتشار الأول من نوعه منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية في 17 شباط (فبراير) 2011، إلى وضع حد لمسلسل من العنف شمل أكثر من مئة عملية اغتيال لشخصيات سياسية وأمنية وناشطين وإعلاميين، إضافة إلى تفجيرات وهجمات كانت أبرزها مهاجمة القنصلية الأميركية في المدينة، ما أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز. ووجهت أصابع الاتهام في هذه الأعمال إلى عناصر متشددة. في غضون ذلك، تصاعدت المطالبات في العاصمة طرابلس، بخروج الميليشيات المسلحة منها ونشر الجيش والشرطة فيها لضمان الأمن، بعد اشتباكات ليل الخميس – الجمعة، بين ثوار مصراتة وثوار سوق الجمعة في طرابلس. وأتت الاشتباكات على خلفية مقتل آمر كتيبة «النسور» (التابعة لمصراتة) نوري فريوان، متأثراً بجروح أصيب بها في اشتباك مع قوة أمنية في طرابلس استدعت نقله إلى مالطا للعلاج. وأبلغ قيادي من ثوار مصراتة «الحياة» أن رفاق فريوان تبلغوا نبأ وفاته، فتجمعوا وقرروا الهجوم على منطقة سوق الجمعة حيث تتواجد عناصر من القوة الأمنية التي أطلقت النار عليه في منطقة طريق الشط في طرابلس ليل الاثنين – الثلثاء. وأكد المصدر أن الهجوم على سوق الجمعة حمل طابعاً فردياً ومن دون التنسيق مع قيادات المدينة التي بادرت لدى علمها بالتطورات إلى الاتصال بالعناصر المهاجمة لسحبها من المنطقة. وأشار المصدر إلى بيان لعائلة فريوان تبرأت فيه من المهاجمين ودعت رفاقه إلى ضبط النفس وتفادي أعمال الثأر. وأفادت مصادر أمنية في طرابلس أن سكان منطقة سوق الجمعة ومحيطها فوجئوا بمجموعة من الآليات العسكرية تطوق المنطقة وعلى متنها مسلحون أخذوا يطلقون النار من رشاشات خفيفة ومتوسطة، عشوائياً وفي كل الاتجاهات بقصد «الترويع». وعلى الأثر، سجل تبادل لإطلاق بين الجانبين، استخدمت خلاله مضادات الطائرات ورشاشات ثقيلة. وأدى ذلك إلى سقوط قتيلين و29 جريحاً، بينهم عدد من المدنيين. كما لحقت أضرار فادحة بالممتلكات العامة والخاصة ومن بينها مجمع تجاري ملحق بفندق «المهاري». واستمر تبادل إطلاق النار من التاسعة ليلاً إلى الواحدة بعد منتصف الليل، ولم تتوقف إلا بعد وصول أعداد كبيرة من أهالي منطقة الظهرة وزاوية الدهماني وفشلوم وشارع عمر المختار والمنصورة إلى مكان الحادث، للتعبير عن رفضهم واستنكارهم لإطلاق النار. وكانت الاشتباكات هددت بالاتساع بعد إقدام عدد من ثوار طرابلس على مهاجمة مقر الكلية الحربية للبنات في طريق الشط حيث تتمركز قوة من ثوار مصراتة تعرف بـ «كتيبة السويحلي». لكن اتصالات بين الجانبين جرت عبر وسطاء وبالتنسيق مع «غرفة عمليات الثوار» المكلفة حفظ الأمن في المدينة، أدت إلى انتشار قوة من الثوار من مناطق مختلفة، للفصل بين الجانبين، فيما أُطلقت مساعي للتهدئة لتفادي تجدد العنف.