في خيمة مهترئة قرب مسجد رابعة العدوية خصصها منظمو اعتصام أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي لتسجيل بطاقات الإعلاميين الراغبين في التواصل مع قيادات «تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب»، جلس شابان ملتحيان يسترجعان ذكريات ملاحقة أعضاء وشباب التيار الإسلامي في سجون مباحث أمن الدولة في عهد نظام الرئيس السابق حسني مبارك. قال شاب يُدعى معاذ لزميله: «إن خرجنا من هنا سيقبضون علينا حتماً... سيعودون أسوأ مما مضى»، فيرد عليه جليسه: «يُعذبون من يعتقلونهم في التظاهرات لإرهابنا». تلك الهواجس كانت في عداد الماضي بعدما اعتلى رئيس محسوب على التيار الإسلامي حكم مصر، رغم أن العلاقة بين المؤسسة الأمنية و «الإخوان المسلمين» لم تكن يوماً على ما يُرام، فالتيار الإسلامي ظل لعقود تهديداً رئيساً ومنافساً بارزاً لأنظمة الحكم المتوالية في مصر، ولذا ظلت قياداته ملاحقة وشبابه مرصودين. وقال الشاب الثلاثيني معاذ لـ «الحياة»: «قبل ثورة 25 يناير كنا نذهب إلى مباحث أمن الدولة في شكل منتظم... نُعتقل لأيام أو أسابيع ومنا من اعتقل لشهور أو حتى سنوات». وأضاف: «كل ضابط كان مسؤولاً عن تنظيم أو مجموعة... كل شيء في حياتي يجب أن يعلمه الضابط المسؤول عني، وكل فترة يستدعيني، والأمر متروك له إما يتم توقيفي أو صرفي». ومعاذ على يقين بأنه لو تم فض اعتصام رابعة العدوية وعاد إلى منزله سيواجه الاعتقال مجدداً. وقال: «إن تركت هذه الخيمة فلن يتركني الأمن أدخل غرفة نومي... سأجدهم في انتظاري مع أهلي». وقد تكون مطالبات بعض الإعلاميين والناشطين المعارضين لمرسي بالتصدي لممارسات «الإخوان» وحلفائهم، محفزاً لهاجس الملاحقة الأمنية عند الإسلاميين. وقال معاذ: «في السابق كان من يدعون الانتصار للحرية وحقوق الإنسان ينتقدون الملاحقات الأمنية لأعضاء التيار الإسلامي، ورغم ذلك كنا نُعتقل ونُعذب... الآن هم يطلبون ذلك، فما بالك بما سيحدث؟». ذلك الهاجس ربما وصل إلى السلطات في الحكومة الموقتة، لذا كررت وزارة الداخلية والقوات المسلحة التعهد بعدم ملاحقة أبناء التيار الإسلامي، نافية أي نية لديها في اعتقال من يتركون ساحة الاعتصام. هذا القلق تُغذيه قيادات التيارات الإسلامية التي تتحدث إلى الشباب في الاعتصام، فعشرات المتحدثين من على منصة رابعة العدوية يحرصون على تذكير الجموع كيف كان حال التيار الإسلامي قبل «ثورة 25 يناير»، وينبئونهم بحال أسوأ إن استطاع الجيش «تمرير الانقلاب على الشرعية». وأقر القيادي البارز في «الجماعة الإسلامية» محمد ياسين بأن «عدداً كبيراً من شباب التيار الإسلامي يتصور أنه لو تم فض الاعتصام وانتهى الأمر بتنفيذ خريطة طريق السيسي ستعود ممارسات أمن الدولة». وقال: «هذا هاجس رئيسي عند الأخوة». لكن القيادي الإسلامي الموالي لمرسي لا يرى فرصة لعودة تلك الممارسات. وقال: «هل يمكن أن يحدث ذلك؟ لا اعتقد وإن كنت لا استطيع أن أجزم... لكن لا يمكن أن يسود الظلم مجدداً، لأن التيار الإسلامي عرف الديموقراطية ولا يمكن الحكومة الحالية أو غيرها قمع هذا التيار». وأضاف: «إن عادت الملاحقات الأمنية فستكون غير مقبولة ولها نتائج مدمرة رغم مطالبات بعض التيارات المدنية التي تصل إلى حد الجنون».