يجري الآن تصعيد الخطاب الرسمي تحذيراً من عقوبات تشغيل العمالة المخالفة، التطبيق بعد انتهاء المهلة. وهو أمر جيد ورائع إذا ما طبّق بحزم وعدل، إنه ما كنا نطالب به منذ أعوام طويلة، ولعل البعض يتذكر كيف كان البلاغ عن مخالف أو هارب من العمل لا يلقى صدى من جهات رسمية، كل جهة ترمي على الأخرى، وناقشت هذا في مقالات عدة منذ بدء بروز الظاهرة، وطالبت بتنسيق واضح بين وزارتي العمل والداخلية، خصوصاً الجوازات، هذا هو ما يتم الآن من خلال حملة تصحيح أوضاع العمالة. هناك جانب مغفل على رغم أهميته، يمكن وصفه بالبؤرة الأصلية لنشوء ما نطلق عليه «العمالة المخالفة». إنه المنبع، من أين تنبع هذه التأشيرات؟ وكيف لها الحضور مثل بئر فوارة أطلقت من عقالها؟ مع كل الزخم عن تصحيح أوضاع العمالة لا يأتي حديث عن سوء استخدام تأشيرات الاستقدام، وإذا كان الهدف من الحملة هو تصحيح أوضاع العمالة المخالفة في السوق، فالأولى التأكد من تصحيح كل اعوجاج في المنبع، بحسب ما نعلم وزارة العمل هي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار تأشيرات الاستقدام، لكنها لم تتحدث عن هذه الجزئية المهمة، كــــما لم تصدر عنها عقوبة واحدة أو قضية محددة للتحقيق - بحسب متابعتي - في حق موظف من موظفيها أساء استخدام صلاحية إصدار التأشيرات، هل يعقل أنه لم يوجد سوء استخدام أو مخالفات هنا؟ إذاً من أين أتى كل هذا؟ كارثة سيول جدة عرّت الكثير من الأخطاء والفساد، وظهر من ضمن ما ظهر كتّاب عدل استغلوا وظائفهم للإثراء غير المشروع، حتى طاول التشويه مسمى وظيفة كاتب «عدل»، وهنا اقترح على وزير العدل ومعه وزير الخدمة المدنية تغيير مسمى الوظيفة إلى كاتب صكوك، للحفاظ على ما تبقى من سمعة العدل، في الجانب الآخر كارثة سيول العمالة المخالفة لم تعر أحداً، طارت الطيور بأرزاقها وبما استطاعت خطفه من تأشيرات كل تلك الأعوام الطويلة، وبالمختصر المفيد وزارة العمل تصحّح أو تنظف سوق العمل، لكنها لم تعلن عن تنظيف ماكينة الاستقدام نفسها، هذا وضع غير مريح ولا مطمئن! www.asuwayed.com @asuwayed