تحدث الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله في اجتماعه بالمسؤولين عن مكافحة الفساد، حديثاً، لا تنقصه الصراحة، ولا يعوزه الوضوح، لا تكلّف فيه، ولا انتقائية، في الألفاظ والجمل. تحدث الملك عن مكافحة الفساد «وأن أكبر مكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله، فهي لا تقبل فساداً على أحد، في دولةٍ قامت، في الأساس، على الكتاب والسنَّة». يتحدث الملك، ويتحدث، معه، التاريخ عن واقع معاش، تبدو فيه الحقيقة جليّة، وفي السياق نفسه يروي قصة عن مواطن طلب المؤسّس للقضاء، وموافقة الملك عبدالعزيز على ذلك، والمثول أمام القاضي، سعد بن عتيق، وهو بذلك يريد أن يدلل على ألاَّ أحد فوق القانون. ثم إن هناك لفتة أقوى في هذه القصة، وهي تعامل القاضي، بميزان التساوي، مع المتقاضيين، بغض النظر عن كون أحدهما ملك البلاد، حيث أجلسهما في «المجبب»، مكان، في مدخل المنزل، للتقاضي. يسوق هذه القصة مدللاً على أننا، القيادة والشعب، في ميزان العدالة بالتساوي، ثم يتبعها بقوله: «يستطيع أي مواطن في بلدنا أن يرفع قضية ضد الملك أو ولي العهد أو أي فرد من أفراد الأسرة». يتابع حديثه ويقول: «رحم الله من أهدى إليّ عيوبي»، وهو، بهذا، إنما يؤكد على أمر آخر، ألا وهو النقد البنَّاء، فإذا كان النقد يطوله، وهو على رأس الهرم، فإنه، كذلك، سيطول كل من تحته في إدارة البلاد. مضامين كبيرة، اشتملت عليها كلمة الملك، ولكن ما يحقق الاستفادة القصوى منها هو أن يتكرّم سمو الأمير محمد بن سلمان بصفته رئيس مجلس الاقتصاد والتنمية بتبنيها واستكمال إجراءاتها التنفيذية، وجعلها وثيقة عمل. نعم، في»المجبّب» حكاية بناء أمة، على يد رجل آمن أن «العدل أساس الملك»، عبارة آمن بها وطبقها!