هاتف في حجم يدك أو أصغر، يمكّنك من طواف العالم في أقل من ثوانٍ معدودة، وينقل إليك أخبارا شتى بقاع الأرض إن أردت، يجعلك دائمًا على تواصل مع أصدقائك وأقاربك مهما بعدت المسافات، هكذا تعمل تكنولوجيا الهواتف الذكية التي تركت بصمة واضحة في حياتنا، لكن مع هذا التطور التكنولوجي، كيف أثرت الهواتف الذكية على العلاقات الاجتماعية؟ هل سرقتنا من بعضنا وجعلتنا نعيش حالة من الانزواء ونحن منكبّون على كتابة الرسائل أو تلقّيها؟ في الاستطلاع التالي نقرأ اراء الناس حول الموضوع .. وبدأنا بالشاب محمد الحاج (خريج محاسبة وموظف) فقال الهواتف والتسارع التكنولوجي له اثر كبير على حياة الفرد الاجتماعية، وهذا التسارع احدث تأثيرا كبيرا في اللغة الحسية المباشرة بين الأفراد، وقد بدأت تتلاشى هذه اللغة شيئاً فشيئاً فأصبح الناس في المجالس العائلية، والملتقيات الاجتماعية متوجهين بعيونهم وفكرهم إلى الهاتف متناسين ما حولهم من الناس تائهين في العوالم الالكترونية التي أصبح لهم فيها مجتمع خاص يفضلونه على عالمهم المباشر. ورأى أن هذا التأثير والظاهرة قللت من أخلاقيات التحدث المباشر بين الأشخاص وأزاحت لطف الحديث بينهم، مضيفا ولا ننسى هذا التأثير على الأطفال الذين أصبحوا يميلون للانطوائية والعزلة وإدمان الهواتف والأجهزة التكنولوجية، وهذا يهيأ إلى جيل تنقصه الكثير من القيم الأخلاقية. واقترح على الآباء التركيز في تربية أبنائهم وإرشادهم إلى أفضل الطرق لاستخدام الهواتف، والتقرب من الابناء وعدم الانشغال بالهواتف امامهم، وعلينا جميعا أن نراعي ونلتزم بأخلاقيات العلاقات الاجتماعية. وقد أيده الرأي زكريا حسن (موظف)، حيث بدأ كلامه بآية قرآنية تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، يؤسفني أن اجلس مع عائلتي وأقربائي وعيونهم وقلوبهم مع شاشات هواتفهم، نراهم مجتمعين في نفس المكان وكل شخص يتحدث مع آخرين خلف الشاشات او ينشغلون في الأخبار ومتابعه البرامج او الانشغال بالألعاب، متجاهلين التواصل الحي بين الأفراد، وأحاول دائماً تنبيه ابنائي الى ضرورة ترك هواتفهم اثناء التجمعات العائلية. وتابع والهواتف الذكيه لم تؤثر فقط على العلاقات الاجتماعية بل أثرت على حركة الشوارع وزيادة الحوادث بسبب انشغال الناس طوال الوقت بالهواتف حتى اثناء السياقة. من جهتها، قالت مروه الموسوي (طالبة اعلام) الهواتف الذكية قبل أن تؤثر على علاقاتنا بالأفراد المحيطين بنا، تؤثر سلباً علينا نحن أنفسنا من الناحية الصحية والنفسية نظراً لكونها عنصراً رئيسياً ﻻ نتخلى عنه في يومنا مطلقاً. واردفت وهناك من أصبحت حياتهم الاجتماعية ﻻ تتعدى محيط هذه الشاشة الصغيرة، مما يجعل التفاعل مع اﻻخرين وجهاً لوجه جافاً ورتيباً ويعمل على زعزعة الرابط الاجتماعي الحقيقي بينهم إذ أصبحت المجالس تخلوا من روح المرح الإنسانية ويصبح الجو ممتلئاً بالتوتر لكون الهواتف مصدراً يجعل الفرد شارد الذهن متقلب المزاج، مما يجعل العلاقات تنزلق لمنحدر خطر. كما اشارت الى آثار هذه الهواتف بالقول كما أصبحت هذه لهواتف الوسيلة الأسرع لنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة والمعلومات غير المفيدة واختراق الخصوصية للأفراد بشمل ملحوظ ومؤثر وانتشار العلاقات المحرمة أصبح سهلاً جداً لكثرة البرامج الموجودة بالهواتف. في حين رأت جنان مهدي (طالبة في جامعة البحرين) ان التأثير الايجابي للهواتف الذكية أكثر من السلبي فقد قربت بيننا أكثر، واصبحت العلاقات والتواصل أسهل واسرع، لا ننكر سلبية انشغال الاغلبية بالهواتف اثناء التجمعات، ولكن ايجابيات الهاتف تغلب على السلبية، فساعدني الهاتف كثيرا في الدراسة وفي تقريبي من صديقاتي وقريباتي، وسهل علي ايضاً حتى التسوق. اما دعاء الشملان (طالبة اعلام وموظفة) فأدلت برأيها في الموضوع، قائلة مما لا شك فيه تطور التكنلوجيا في عالمنا هذا بشكل ملحوظ، خاصة انها في الاونة الاخيرة اقتحمت البيوت حيث ان امتلاكها اصبح سهلا بالنسبة للجميع قد يكون ذلك ايجابيا وقد يكون سلبيا. واكملت هو ايجابي بالنسبة لمعظم الناس حيث سهل التواصل بين الناس واختصر المسافات وزاد من ترابط الناس ومعرفة اخبارهم بشكل اسرع، وطور العلاقات بينهم حتى اصبح جزءا مهماً في حياتهم، ولكن تأثيره السلبي على الافراد اكبر سواء في المنزل او مع الاصدقاء او حيثما كانوا كل على حدة في انطواء مع هاتفه ومنعزل تماما عن العالم الخارجي. بيد ان مروة عبد الرضا (طالبة جامعية) اشارت الى ان الهواتف الذكية قربت وسائل الاتصال الحديثة بين الأشخاص المتباعدين جغرافيا، وجعلت العالم يبدو بحق كقرية صغيرة من حيث سهولة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات. واستدركت بالقول المفارقة المدهشة في ثورة الاتصالات أنها قربت المتباعدين وأبعدت المتقاربين، فالمرء يتواصل بانسيابية واستمتاع مع أشخاص من أقاصي الأرض، ويخصص لذلك أوقاتًا غالية، ولكنه يستثقل أن يمر على أمه للاطمئنان عليها، أو أن يمنح أبناءه ساعة من نهار يتعارفون خلالها، أو أن يفارق مقعده ليتنزه مع أصدقائه الحقيقيين. بينما قالت زهراء الزين (طالبة في كلية الرياضة) أثرت الهواتف الذكية على الأسرة إذ أنهم أصبحوا لا يتحدثون مع بعضهم البعض وجهًا لوجه، حيث أثرت بشكل سلبي حين تم استخدامها بشكل غير صحيح، وتسببت ذلك في انعزال الأطفال حيث أصيب البعض بالأمراض بسبب الإدمان على الهواتف الذكية، مثل أمراض السمنة حيث تحتل البحرين المراتب الأولى عالميًا في مرض السمنة. ومن منطلق آخر .. تحدثت عن اثرها الايجابي بالقول طورت الهواتف الذكية في شخصية الكثير من الناس حيث انهم اصبحوا يستخدمون برامج متعددة مثل برامج التواصل الاجتماعي خاصةً الكبار في السن، كما انها تطور وتزيد من معلوماتهم، وتسهل تعليم الأطفال، كما أنها سهلت التواصل مع الأفراد من مختلف البلدان في أي وقت. ومن جهته، قال علي مريضي (طالب في المرحلة الثانوية) ان الهواتف الذكية حاليًا اصبحت جزءا مهماً في حياتنا لدرجة اننا اصبحنا لا نستطيع التخلي عنها حيث اصبح استخدامها روتينًا يوميًا بالاضافة الى انها تشكل ادمانا خطرا على الحياة الاجتماعية بين الأفراد وبعضهم. وذكر المشكلة ليست في استخدام هذه الاجهزة بل ان الأشكالية في وضع حدود لطريقة استخدامها حتى لا تصل الى الادمان الذي يأتي من اضراره عدم الاتزان في النوم بسبب اجبار النفس على البقاء الى وقت متأخر مما يؤثر على المزاج ويجعله متقلبًا مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية، اضافةً الى ذلك ضياع الوقت الذي يمكن استغلاله في اشياء مفيدة بدلاً من استخدام الهواتف دون جدوى. ومن جانب نفسي تحدثت دكتورة علم الاجتماع في جامعة البحرين د. سوسن كريمي عن رأيها، مبينة ان الهواتف لها ايجابيات وسلبيات مثل الأكل والرياضة، المشكلة ليست في الجهاز بل في الانسان نفسه وفي تربيته فاذا كانت تربيته صحيحة يصح استخدامها واذا كانت سيئة يسيء استخدامها. وأكملت المشكلة الاساسية في مجتمعنا الخليجي ككل أنه لديه سوء في ادارة الخيرات، فمجتمعاتنا تستهلك ولا تعرف قيمة الوقت ولا تنتج، وبرز الاستخدام الالكتروني لشباب والأطفال والكبار يقضون الوقت على الهواتف ويجعلونها مساحة استعراض وتفاخر وأشباع العقد، عقد الجمال والثراء وحتى الفقر ويعبرون عنها.