استوقفني تقرير صحفي نشرته المدينة الثلاثاء 22/8/1436هـ، 9/6/2015م بعنوان (بئر عثمان تدخل خارطة الإهمال و3 جهات حكومية ترفض الإشراف عليها -الشؤون الإسلامية والزراعة وهيئة الأمر بالمعروف- ولم ترد إشارة إلى الجهة المختصة وهي هيئة السياحة والآثار إلا ضمن تصريح مدير فرع وزارة الزراعة وهي «أن فتحها أمام الزوار أو الإشراف عليها يقع ضمن اختصاص الآثار والسياحة» وورد في تصريح مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية أنها «وقف للمسجد النبوي الشريف وتم تأجيرها لفرع وزارة الزراعة» وورد في التقرير أن وزارة الزراعة رفعت اللوحة الإرشادية التي كانت تشير إلى موقع البئر ووضعت لوحة كتب عليها «المشتل والمنحل والحقل الإرشادي». هذه البئر أحد أهم معالم المدينة المنورة التاريخية، وهي واحدة من آبار سبع أطلق عليها المؤرخون الآبار النبوية «أريس وغرس ورومة وبضاعة وبصّة وحاء والعهن» وكان اسم بئر عثمان بئر رومة قبل شراء عثمان بن عفان رضي الله عنه لها ووقفها على المسلمين، ولا أعرف أصلا تاريخيا-فيما أطلعت عليه- أنها وقف على المسجد النبوي الشريف، وإن وجد فهو يدعو لاهتمام أكثر بها. ذكر المؤرخون أن طولها ثمانية عشر ذراعًا وعرضها ثمانية، وماؤها حلو صافٍ طيب، كانت لرجل من مزينة ثم آلت لرجل من غفار ثم اشتراها اليهودي الذي اشتراها منه عثمان رضي الله عنه، وكان اليهودي يبيع ماءها للمسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يشتري رومة فيتصدق بها، فيجعلها للمسلمين، يضرب بدلوه في دلائهم، وله فيه شرب في الجنة» فساوم عثمان رضى الله عنه اليهودي فأبى بيعها كلها فاشترى منه نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله للمسلمين، وصار لكلٍ يوم، وكان المسلمون يستقون في يوم عثمان ما يكفيهم يومين، فقال اليهودي: أفسدت عليّ ركيتي (بئري) فاشترى عثمان النصف الآخر بثمانية آلاف درهم، ولحديث شراء البئر روايات في عدد من كتب الحديث وقد صححه الألباني، وفي البخاري «5/406 برقم 2778 من حفر رومة فله الجنة». تاريخ هذه البئر لا تتسع له سطور، وهو مفصل في كتب التاريخ والحديث، وكانت تسمى بئر المزني ثم رومة حتى أطلق عليها الناس بئر عثمان الذي مازالت تسمى به ولم يتغير أو يجهل على مدى القرون. هذا الأثر النفيس الذي لا تظفر به أمة عدا المسلمين يستدعي الرعاية والاهتمام لا الاهمال، والجهة الراعية هي هيئة السياحة والآثار لا غيرها، ومن عنده عبق تاريخي مثل هذا التاريخ؟! زرتها صغيرًا عندما لم تكن حولها أسوار، ومازالت صورتها في ذهني مثل صورتها التاريخية العظيمة. Ibn_Jammal@hotmail.com