رفض مجلس النواب الأمريكي، خصوصا النواب الديمقراطيين منح الرئيس باراك أوباما صلاحيات واسعة يطلبها لتوقيع اتفاق تجاري ضخم مع دول منطقة آسيا - المحيط الهادئ. ووفقا لـ"الفرنسية"، شكل تصويت مجلس النواب ضربة قاسية لأوباما الذي جعل من اتفاق التجارة الحرة الأولوية الاقتصادية لنهاية ولايته، ولو أن الأغلبية الجمهورية التي تؤيده في المشروع لا يزال بإمكانها إعادة طرح المسالة على جدول أعمال المجلس. ورفض مجلس النواب بسبب معارضة الديمقراطيين نصا حول دعم موظفين تأثروا من المنافسة نتيجة العولمة. إلا أن هذا النص ولأسباب إجرائية معقدة كان الشرط المسبق لتبني مشروع قانون يتيح اعتماد إجراء سريع هو "ترايد بروموشن اوثوريتي" وهو موضوع الخلاف الحقيقي. وهذا الإجراء السريع آلية بسيطة من شانها إرغام الكونغرس على التصويت بالقبول أو الرفض دون إمكان التعديل لأي اتفاق تجاري توقعه السلطة التنفيذية بحلول 2018 أو 2021 في حال تمديد العمل بالإجراء. وكان أوباما يأمل الاستفادة من السلطات الأوسع لتوقيع اتفاق الشراكة عبر الهادئ قبل انتهاء ولايته الرئاسية في كانون الثاني(يناير) 2017 مع 11 دولة مطلة على المحيط الهادئ من بينها اليابان. إلا أنه وإذا كان يحظى في هذا الملف بدعم أغلبية الجمهوريين، فقد عجز في المقابل عن إقناع الديمقراطيين الذين كان بحاجة إلى تأييدهم عدديا. وحث أوباما مجلس النواب على إعادة التصويت "في اقرب فرصة" لتتمكن الشركات الأمريكية من "بيع منتجات مصنعة في الولايات المتحدة في سائر أنحاء العالم"، بينما نسب المتحدث باسم البيت الأبيض إخفاق الجمعة على تويتر إلى "بلبلة إجرائية أخرى". دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما مجلس النواب الأمريكي إلى إعادة النظر في مشروع قانون حال دون تمريره في وقت سابق اليوم ويعد رئيسيا بالنسبة لجدول أعمال التجارة الشامل الخاص به. ويقول أوباما إن القانون الحالي الذي سينتهي قريبا - ويحمل اسم مساعدة تعديل التجارة - يدعم نحو 100 ألف عامل أمريكي فقدوا وظائفهم بسبب صفقات تجارية. ويقول أوباما: "أدعو مجلس النواب إلى تمرير القانون دون إبطاء بحيث يمكن لمزيد من عمال الطبقة المتوسطة كسب فرصة المشاركة والنجاح في اقتصادنا العالمي". ويريد أغلبية النواب الديمقراطيين أن يكون لديهم رأي حول مضمون أي اتفاقات تجارية مستقبلية كما يخشون أن يؤدي فتح الحدود إلى إغلاق مصانع في دوائرهم الانتخابية. ويحيل عدد كبير منهم إلى مثل اتفاق نافتا الموقع في 1993 مع كندا والمكسيك. وبررت نانسي بيلوسي زعيمة الكتلة الديمقراطية موقفها بالقول "علينا عدم التسرع فنحن نريد اتفاقا أفضل للعمال الأمريكيين". وبعد نقاشات مطولة، اقر مجلس الشيوخ ذو الأغلبية من الجمهوريين الإجراء السريع في 22 أيار (مايو) الماضي إلا أن الفشل في مجلس النواب يحمل النواب على مراجعة استراتيجيتهم لتنظيم تصويت جديد محتمل. وقال النائب الجمهوري بول راين "أمامه عمل لا يزال يتعين عليه إنجازه مع حزبه". وتم توقيع 15 اتفاقا تجاريا بفضل إجراء مماثل من قبل الكونجرس منذ عام 1979. كما أن الاتفاق الذي لا يزال قيد التباحث مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يستفيد من الإجراء السريع. ويدعم أرباب العمل الإجراء بقوة إلا أن أوباما خسر تأييد عدد من حلفائه التقدميين في هذا الملف. واعتبر النائب الديمقراطي كيث اليسون أن الاتفاقات التجارية "ستؤدي إلى إثراء طائل لبعض الشركات المتعددة الجنسيات". وتتركز المخاوف حول آليات التحكيم للبت في الخلافات بين الولايات والمستثمرين من الأفراد كما حصل في البرلمان الأوروبي الذي شهد انقساما هذا الأسبوع حول مسالة الاتفاق المستقبلي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وكانت اكبر نقابة فيدرالية أمريكية "أيه إف إل - سي آي أوه" شنت حملة كبيرة لإفشال التصويت في مجلس النواب الجمعة. كما أن المنظمات غير الحكومية التي تعنى بالبيئة رفضت المشروع إذ تخشى تراجعا في المعايير. ورحب مايكل برون مدير جمعية سييرا كلوب بعد التصويت قائلا إن "عهد اتفاقات التجارة الحرة التي تسيء إلى البيئة والعمال شارف على النهاية". وعلى الصعيد الإنساني، عارضت منظمة "أطباء بلا حدود" اتفاق الشراكة عبر الهادئ إذ يمكن أن يجعل من الصعب الحصول على أدوية رديفة لعلاج السل والملاريا وفيروس نقص المناعة المكتسب.