تضافرت الأعمال الفنية في باحة فندق جراند حياة بدبي، لتشكل لوحة واحدة لفنانين إماراتيين وعرب وعالميين، في مزاد فني أقامته مبادرة فنانون من أجل أطفال سوريا برعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وبجهد تقوده الفنانة الإماراتية فاطمة لوتاه. أتاح المزاد للفنانين المشاركين التعبير عن تضامنهم وتعاطفهم مع أطفال سوريا، لتقف لوحاتهم التي بيعت في المزاد ب487 ألف درهم، شاهداً على ذلك. لوحة إنسانية رسمها المزاد الذي ضم 183 لوحة أنجزها مجموعة من الفنانين حول العالم يعود ريعها لأطفال سوريا في المخيمات، وبيع منها 37 لوحة، بمبادرة فاطمة لوتاه وآرت فورم الإمارات وتنظيم وإدارة غاليري فن آ بورتيه بالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر، في دلالة على تواصل رسالة الإمارات الفنية والإنسانية لأشقائها. ألوان مختلفة تعانق بعضها في معرض المزاد، حيث تلتقي مدارس فنية متباينة، ليوفر الملتقى الخيري في الوقت نفسه متعة بصرية لا تضاهى، فجميع أنواع الفن التشكيلي حاضرة: الرسم، والتصوير، والفسيفساء، حتى في النوع الواحد تجد أكثر من مدرسة إماراتية وعربية وعالمية، كل يحكي عن خصوصيته ليتخذ منها مدخلاً لهذا الفضاء الإنساني النبيل، الذي التئم ليكفكف دموع صغار وجدوا أنفسهم فجأة خارج بيوتهم الأمنة وبعيداً عن ملاعبهم وحيواتهم التي اعتادوا. ثمة صورة أخرى تبدأ تفاصيلها من الممرات التي تفضي إلى قاعة المزاد، حيث رواده الذين احتشدوا ليحذو حذو الفنانين المشاركين، ويعبروا عن تضامنهم، الذي يحمل أكثر من بعد، فهو في بداية الأمر رسالة تعاطف ويد عون مبسوطة للصغار في مخيمات اللاجئين، وفي ذات الوقت إعلاء لشأن الفن ودعماً لدوره الإنساني الاجتماعي. غادة قناش، مدير غاليري فن آبورتيه، أشارت إلى أن المشهد جسد معاني التعاون والتضامن والعطاء. وقالت جمعنا القليل من المال، وأتمنى أن نتمكن من مساعدة أكبر عدد ممكن حتى ولو كانت المساعدة قليلة، ولا بد أن نتقدم بشكرنا للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان والفنانة فاطمة لوتاه ومحبي الفنون. تقول الفنانة العراقية فهيمة فتاح: شاركت في المعرض لإحساسي بمعاناة وآلام أطفال سوريا، نحن كفنانين نشعر بألم كل جزء من الوطن العربي. وعبر لغة الألوان أيضاً، دلف الفنان السوري إسماعيل رفاعي إلى المزاد من زاوية الرسالة الفنية التي تعمل على توظيفه لخدمة قضايا مجتمعه والتوسل له عبر جمالياته ليضفي عليها بعداً وظيفياً، يصفه رفاعي بأضعف الإيمان. وأشار إلى أن لوحاته وزملاءه تمثل بالنسبة له تظاهرة الجمال أمام الموت والقتل. وفي الاتجاه ذاته، مضى الفنان الأردني سعد رباطين، مبيناً أن مشاركتهم أتت لتؤكد أن الفنانين، مثلهم مثل كل الطامحين لعمل الخير. الفنانة فاطمة لوتاه، صاحبة المبادرة، لم تكتفِ بلوحتها التي أتت متسقة ورح المناسبة ورسمتها على كانفس بمزيج ألوان زيتية صورة لطفل يحدق في الأفق. إلى جانب هذه اللوحة البديعة، رسمت لوتاه لوحة أخرى بالكلمات قائلة للفن دور إنساني قبل كل شيء، فالإنسان يعيد بجمال خلقه ابتسامة فقدتها قلوب صغيرة قسي عليها الزمن، وهو الطاقة الإيجابية التي باستطاعتها زرع الجمال على أرض رمادية اللون. هذه العبارة جزء من كلمات تصدرت مطويات المزاد ملهمة بالنسبة للكثيرين، على رأسهم الفنانون الإماراتيون، الذين شكلوا حضوراً كبيراً بلوحاتهم في المزاد، منهم عبدالقادر الريس، الذي بيعت لوحته ب 110 آلاف درهم كأغلى لوحة في المزاد، وعبدالرحيم سالم ومحمد المزروعي.