ورقة من وزارة التعليم، يتم إرسالها بشكل سري إلى جميع مدارس المملكة، يستلمها مديرو المدارس، يجتمعون مع الأستاذة ويعلنون عن اختبار مفاجئ يتم توزيعه على الطلاب، وتبدأ عملية الإجابة التي سمح لها أن تمتد حتى 3 ساعات. هذا السيناريو أتخيله ذهنيا في حال قررت وزارة التعليم عملية سرية لتجميع العباقرة السعوديين من كل أنحاء المملكة. شركة متخصصة في القياسات تقوم بتصحيح الأسئلة ومن ثم فرز الأذكياء جدا، بل لنقل العباقرة، بعد ذلك إرسال قائمة بأسمائهم إلى الوزارة، للبدء بالمرحلة الثانية من عملية المقابلة الشخصية مع التلميذ، والتي تشرف عليها الشركة ذاتها المتخصصة في العمليات القياسية. هذا السيناريو ليس من المفترض أن يكون خيالا علميا، إنها حقيقة بالإمكان تطبيقها في ظل وجود مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان الذي قدم قبل ذلك عبر مؤسسته الخيرية "مسك" نماذج مماثلة تستثمر في الإنسان. أتخيل مجموعة مركزة من الطلاب في بيئة مثالية جدا، لنقل مثلا 100 طالب عبقري داخل مدينه الملك عبدالله الاقتصادية مثلا، ومناخ تعليمي ملهم، يمتد من المسائل العقلية وحتى المسائل الأخلاقية، وما بينهما مناهج في القيادة والإدارة والابتكار والتجريب والخروج عن المألوف، حتى يتم إيصالهم باتفاقات حكومية مع جامعة هارفارد مثلا، أو كامبردج أو غيرهما من الجامعات العالمية التي خرجت قائمة من القادة المؤثرين علميا وصناعيا وسياسيا وماليا. لا يختلف اثنان على أن نتائج هذه التجربة ستنتج جيلا متفوقا يتم تقديمه إلى القطاع العام بعد أن ينهي مراحله التعليمية، ليكون قياديا في الإدارة والعلم والابتكار. وجوده على رأس الهرم في مؤسسة حكومية سيهز أركانها إيجابيا من مكتبه وحتى قاعدة الهرم، ومن قاعدة الهرم سيكون التأثير "عنقوديا" تمتد عدواه الإيجابية إلى منجزات يراقبها هؤلاء. في هذه الحالة يصبح لدينا مصنع للمؤثرين والمغيرين، نطرح منهم سنويا 100 رجل وامرأة لمشاريع التغيير النوعية. هذه المبادرة التعليمية لا شك أن نتائجها ستكون ظاهرة عيانا خلال 25 سنة، وتطبيقها يعني أن السعودية تؤمن بالاستراتيجيات، وسيكون بالتزامن معها استراتيجية بدائل الطاقة، واستراتيجية بدائل الدخل القومي، وغيرها من البذور التي تحتاج إلى مرور جيل بأكمله، كي يتم حصاد النتائج. نقلا عن الوطن