28.535 طالبا وطالبة نجحوا في الثانوية العامة وشرفوا آباءهم وامهاتهم بالنجاح والتفوق، وهو رقم صعب لا يمكن المرور عليه دون تعليق: أولا: هؤلاء ابناؤنا وبناتنا وفلذات اكبادنا، والذين يمثلون الرجاء والامل للكويت ومخزونها الفكري والعلمي، وهم نواة القيادات القادمة للبلد وعلماء المستقبل والاستثمار فيهم هو استثمار في المستقبل. ثانيا: استفادتنا من هؤلاء المتفوقين تعتمد على كيفية متابعتهم وتشجيعهم على استكمال مسيرتهم العلمية ثم توظيفهم وتذليل العقبات امامهم، لذا فإننا نتمنى تأسيس جهاز لمتابعة هؤلاء الخريجين منذ لحظة اعلان النتائج الى متابعة توجههم للدراسة العليا الى تخرجهم ثم توظيفهم في شتى الوظائف. ان هذه المتابعة الدقيقة للطالب والطالبة على مدى اربع او خمس سنوات من شأنها ان تبصرنا بمواطن الخلل الكثيرة التي تواكب الكثير من ابنائنا وبناتنا في مسيرتهم العلمية، وتنير لنا الطريق لمعالجتها، كما انها تعطينا مخزونا هائلا من المعلومات التي نحتاجها لتصحيح مسيرتهم وتوجيههم التوجيه الصحيح، وبالتالي سد النقص في التخصصات التي يرغب الطلبة بالتخصص فيها ودراستها، وانشاء المعاهد والجامعات المتخصصة باستيعاب تلك الاعداد. ثالثا: لا بد من ربط عملية توجيه الطلبة للدراسة العليا بمستقبل التوظيف في البلد، فليس من المعقول ان تسعى الكويت لتخريج آلاف الطلاب والطالبات ثم لا توفر لهم المقاعد الكافية في الوظائف الحكومية والخاصة! ولعل اكبر معضلة يواجهها ابناء الكويت تكمن في عدم تمكنهم من ايجاد الوظيفة المناسبة والتكدس في الوظائف، والبطالة المقنعة التي تكاد تقضي على طموحات غالبية الموظفين الكويتيين إما بسبب توظفهم في وظائف لا فائدة من ورائها وانما هي لتحقيق الهدف المزعوم للحكومة: لكل كويتي الحق في الحصول على وظيفة توفرها له الحكومة وراتب يتناسب مع شهادته! او بسبب عدم التوجيه الصحيح للطلبة للتخصص المطلوب للدولة، والدور السلبي الذي يمارسه نواب مجلس الامة من اجل توظيف الآلاف من ابناء الشعب في الوظائف التي يرغبون فيها دون النظر الى مؤهلاتهم ومدى حاجة تلك القطاعات لهم، وبذلك فقط تحول التوظيف الحكومي الى مهزلة لا يبدو بأن لها حلا، فالواسطة هي سيدة الموقف وهي الحد الفاصل بين مَن يعمل ومَن لا يعمل. رابعا: لقد انعكست تلك الفوضى على نفسيات الطلبة منذ السنوات الاولى لدراستهم، فشعورهم بأن العلاقة بين التفوق وبين الوظيفة المناسبة هي علاقة صفرية (0) حيث ان المقياس الحقيقي للحصول على الوظيفة المناسبة هو الواسطة بغض النظر عن مدى التفوق العلمي! هذا الشعور المرير الذي يتزايد يوما بعد يوم ويتأصل بين الطلبة واولياء امورهم وله ما يصدقه في الواقع قد دفع الكثيرين للنفور من الدراسة وبذل الجهد مادام فيتامين (واو) هو الاساس! خامسا: ولنا ان نعيد طرح السؤال الذي طالما كررناه: لماذا يعجز بلد يملك المليارات من الدنانير ويملك جميع مقومات التقدم والرقي، لماذا يعجز عن انشاء جامعة حكومية ثانية تستوعب تلك الالاف من خريجي الثانوية العامة؟! بل ولماذا يعجز عن اختيار مدير للجامعة اليتيمة التي يضع جميع تجاربه فيها ويجعلها حقلا للتجارب؟! ان الحديث عن نتائج الثانوية العامة يجب ان يدفعنا الى مناقشة تلك المواضيع الحيوية التي تعصف بالتعليم في بلادنا! د. وائل الحساوي