اختتمت ندوة «الأغنية العُمانية في حقبة الستينات» جلساتها، بأمسية فنية، قُدمت فيها أغنيات لفنانين عُمانيين راحلين. وتناولت الندوة خلال يومين مسيرة هذه الأغنية عبر رموزها الذين شكلوا حالة فنية خاصة في دول الخليج وخارجها، فقدم خلالها عرض غنائي شارك فيه الفنان وعازف العود سالم المقرشي والفنانة خولة السيابية بمصاحبة التخت الشرقي لجمعية هواة العود، بحضور آلات الكمان والناي والقانون والإيقاع، الأدوات التي تحدث عنها آخر المحاضرين في الندوة الدكتور ماجد بن حمدون الحارثي. وعرضت الندوة التي نظمها «النادي الثقافي» و«جمعية هواة العود» محاور عدة تتعلق بالأغنية على يد روادها في خمسينات القرن الماضي وستيناته. وتحدث أمس الشاعر سعيد الصقلاوي عن مشهد النص الشعري الغنائي في حقبة الستينات، فيما افتتحت الندوة ورقة قدمها حمد عبدالله الهباد العميد السابق بمعهد الموسيقى العربية بدولة الكويت، تناول فيها الأغنية في الجزيرة العربية ورواد الغناء في تلك الحقبة. وأشار مقدم جلسة الندوة الافتتاحية مدير جمعية هواة العود العازف فتحي محسن إلى مجموعة من الفنانين العمانيين القدامى الذين لم يخدمهم الإعلام في تلك الحقبة، وغاب عنهم الاهتمام المناسب وحجم عطاءاتهم الفنية، مؤكداً بأن الموروث الغنائي هو إرث حضاري من الواجب الحفاظ عليه، باعتباره مكوناً أساسياً من مكونات الهوية لأي بلد. وألقى الهباد الضوء على الفنان العماني القديم سالم بن راشد الصوري الذي أبدع في فن الصوت باعتباره جزءاً أساسياً من التراث المسموع والملموس والمرئي ويمثل الهوية، منوهاً بأن فقدان هذا التراث الغنائي «يفقدنا جزءاً عميقاً من هويتنا، فالتراث الغنائي يشمل مجموعة من عناصر التراث كالشعر المتداول بالغناء وتاريخ الرقصات الشعبية التي لا تستغني عن الغناء ولا الشعر، ولا الموسيقى». وأشار الهباد إلى طبيعة الإنسان العربي في تنقله الدائم حاملاً معه فنونه وثقافته، مضيفاً أن الفن له بعد تاريخي لم يستحدثه أحد، وعلى الباحث تتبعه، كالفنون الحربية على سبيل المثال مدللاً بمشاركة المرأة في فن العرضة. وتطرق إلى فن الصوت الذي أهمله الباحثون رغم أهميته التاريخية، موضحاً أن لوناً في المدينة ظهر قديماً واسمه الغناء المتقن الذي يوصف بأن له مقدمة ومن ثم الغناء والقفلة، منوهاً بفن السنجيني في الكويت، حيث له استهلال واستخدام كلمة (ألا) التي وصفها الفارابي قديماً في حديثه عن الغناء. وأشار المحاضر إلى انتقال الدولة الإسلامية إلى بلاد الشام حاملة معها المغنين من المدينة، في إشارة لابن الطحان الذي تحدث في كتاب له عن فن الصوت في القاهرة في وقت مبكر من عمر الدولة الإسلامية. وتحدث الفنان طالب محمد (ممثل ومؤلف في الدراما والمسرح) عن تجربته في برنامج غنائي قدمه في الإذاعة العمانية عن المطربين القدامى بعنوان «قوانات»، وكلمة قوان تعني أغنية وفق اللهجة المتداولة في الخليج للدلالة على الأغاني، وتحدث عن رواد فن الصوت في تلك الحقبة حيث اكتشف في إذاعة الكويت عدد كبير من التسجيلات القديمة لفنانين عمانيين، مشيراً إلى تجربة عوض حمد حليس الذي سجل أغنية مع افتتاح إذاعة الكويت. وقال طالب محمد إن البحرين جذبت المطربين من الخليج إلى جلسات السمر ومن بينهم العمانيون محمد بن سلطان المقيمي وحمد حليس وسالم الصوري وحمدان الوطني البحار الذي تنقل بين موانئ عدة مسجلاً أغنياته في عدد من الدول من بينها قطر والبحرين واليونان والأهواز وله 160 أغنية منها 32 في إذاعة عمان، ويتشابه في سيرته مع فنانين آخرين كالمقيمي والصوري وحمد حليس الذي وصل إلى جزر القمر وعدن وأفريقيا والهند. وتحدث طالب محمد عن تجربة سالم الصوري الذي هاجر إلى الهند بعد وفاة زوجته وابنته وتزوج هناك ليؤسس ستوديو وثق أعمال الكثيرين من الفنانين في عمان والخليج، وله سبعون أغنية بينها 45 أغنية وطنية. وأشار العازف والباحث راشد الهاشمي إلى «التوسع والثراء في بنية الجملة الموسيقية العمانية في حقبة الستينات» من خلال ثلاثة أقسام هي النظري والسمعي (قدم نماذج عدة منها) وتحليلي ركز على تحليل أعمال لحنية وتبيان مقاماتها من خلال تجارب ثلاثة فنانين بينهم محمد المقيمي المعروف بأغانيه الفكاهية وعدّه رائد المونولوج الفكاهي والدرامي في الغناء في المنطقة.