يطرح جون كريان، المدير المالي السابق لمجموعة (يو بي إس) الذي اختاره دويتشه بنك كما أعلن أول من أمس الأحد في منصب المدير التنفيذي، الكثير من الصفات المميزة إلى طاولة البنك العريق، حسبما أفاد زملاؤه. ADVERTISING يتميز كريان بالذكاء، والمقدرة التحليلية العالية، ربما وبمزيد من الأهمية، قدرته على إجبار البنوك العملاقة على ابتلاع أقراص الأزمات المريرة. في عام 2008، في خضم أيام الأزمة المالية الحالكة، تولى منصب المدير المالي لدى مجموعة (يو بي إس) المالية التي تعرضت لعملية إعادة هيكلة شاقة وجذرية وأجبرت فيها على شطب ما قيمته 50 مليار دولار من مجمل أصولها. يقول كين مويليس، المدير التنفيذي لمؤسسة مويليس وشركاه، الذي عمل عن قرب مع كريان في مجموعة (يو بي إس) «إنه يتميز بصدق ذهني رائع وانضباط حازم. وهو ليس من الذين ينظرون للمشاكل ولا يعيرونها جل اهتمامهم». هذا وقد أعلن دويتشه بنك الأحد الماضي عن استقالة كل من يورجن فيتشن وانشو جين، الرئيسين التنفيذيين المشاركين السابقين للبنك، في استجابة مباشرة، في جزء منها، إلى الضغوط الممارسة من قبل المساهمين الذين وجهوا للبنك الكثير من الانتقادات بشأن استراتيجيته المالية، وعوائد الأرباح الباهتة، بالإضافة إلى الأزمات القانونية المتواصلة. وقد أعرب المستثمرون عن قلقهم من أن البنك لم يعمل بصورة كافية على علاج قضاياه القانونية أو ميزانيته العمومية. وتعتبر استقالة جين (52 عاما) نافذة المفعول اعتبارا من نهاية يونيو (حزيران) الحالي. غير أن فيتشن (66 عاما) سوف يستمر في متابعة مهام عمله لعام آخر ضمانا لانتقال سلس لسلطاته إلى كريان حسبما أفاد بذلك دويتشه بنك. أما كريان فسوف يقود أعمال البنك برفقة فيتشن حتى نهاية العام القادم، ومن ثم يستأثر بمفرده بمهام الرئيس التنفيذي للبنك العملاق. كثيرا ما نال جين الكثير من الانتقادات إثر رئاسته لبنك الاستثمار ضمن دويتشه بنك قبل سيطرته الكاملة على البنك. وقد كان بنك الاستثمار هو السبب الرئيسي لغالبية المشاكل الحالية التي تواجه دويتشه بنك. وقد تساءل البعض ما إذا كان جين قريبا للغاية من تلك المشاكل حتى يتمكن من التعامل معها وحلها. في أبريل (نيسان)، وافق دويتشه بنك على سداد مبلغ 2.5 مليار دولار إلى السلطات الأميركية والبريطانية من أجل تسوية الاتهامات الدافعة بأن بعض موظفي البنك كانوا قد تآمروا على التلاعب بأسعار الفائدة القياسية. ولم توجه الاتهامات إلى جين بالاضطلاع بأي دور في تلك المسألة، غير أن الانتقادات وجهت إلى البنك لعدم تعامله مع القضية بصورة أفضل. يحدو الكثيرون الأمل في أن كريان، وهو المصرفي الذي عمل في مؤسسات مالية كبيرة من قبل، سوف يأتي بمنظور جديد من حيث الميزانية العمومية واستراتيجية البنك الكلية. يقول عمر فول، وهو محلل اقتصادي لدى مؤسسة جيفريز «مع اعتلاء جون كريان لمنصب الرئيس التنفيذي فإننا نعتقد بانتقال دويتشه بنك من إحدى الفرق الإدارية ضعيفة الكفاءة، من زاوية المستثمرين، إلى واحد من أكثر الفرق المتمتعة بالمصداقية». ويتوقع ديفيدي سيرا - وهو أحد مديري صناديق التحوط في لندن، والذي يستثمر صندوقه البالغ 2.5 مليار دولار في أسهم الخدمات المالية والائتمان - أن كريان سوف يجري تغييرات مهمة في دويتشه بنك، ويقول: «أتوقع منه أن يزيد من رأس المال ويقلص بقوة أكبر من إمبراطورية الخسائر المستمرة التي خلفها انشو جين». كان كريان رئيس سيرا الأول حينما كانا يعملان سويا في بنك إس جي واربورغ في لندن، كما أضاف سيرا بأنه استمتع كثيرا بالتعلم من كريان، وأردف يقول: «إنه عقلاني، وهادئ، ومفكر عميق، وليس من عشاق المظاهر. إنه يعبر عن الصورة المضادة للنموذج الشائع لكبار المتداولين أو الرؤساء التنفيذيين بالبنوك الكبرى». وكان كريان، المحاسب المخضرم، قد التحق بالعمل لدى بنك إس جي واربورغ في عام 1987. وظل في عمله هناك حتى صار البنك جزءا من مجموعة (يو بي إس) المالية. ولقد عاش كذلك في ألمانيا لفترة خلال حياته المهنية ويتحدث الألمانية بطلاقة، مما قد يفيده كثيرا في منصبه الجديد حيث إن دويتشه بنك هو أكبر بنوك البلاد قاطبة. كما كان كريان جزءا من فريق الخدمات المالية المصرفية. ولقد تقدم بنصائحه لصالح بنك إيه بي إن أمرو الهولندي خلال دفاع البنك ضد جهود الاستيلاء والسيطرة عليه في عام 2007. كما كان مصرفي العلاقات الرئيسي لدى بنك ستاندرد تشارترد حيث عمل على الكثير من عمليات الاستحواذ، ومن بينها الاستحواذ على مانهاتن كارد بواسطة بنك مانهاتن تشيس في عام 2000 وبنك ناكورنثون في تايلاند عام 1999. وكان وكيل الاكتتاب العام المبدئي في بنك الصين. ولقد غادر منصبه في مجموعة (يو بي إس) في عام 2011. بعد ترقيته إلى منصب المدير المالي للمجموعة فضلا عن رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لفرع المجموعة في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي العام التالي، صار مدير فرع أوروبا في تيماسيك، وهو صندوق الثروة السيادية الضخم لدولة سنغافورة، حيث بقي هناك لمدة عامين. يأتي كريان إلى دويتشه بنك وبرفقته معرفة وخبرة عميقة بأعمال البنك. في عام 2013، التحق بالمجلس الرقابي لدى دويتشه بنك، حيث شغل منصب رئيس لجنة التدقيق والمراجعة وكعضو في لجنة تقدير المخاطر. جاء رحيل جين بمثابة مفاجأة كبيرة، رغم كافة مآسي وأزمات البنك. حيث إن المجلس الرقابي قد منحه مؤخرا المزيد من الصلاحيات للإشراف على عملية إعادة هيكلة أخرى يُقصد منها تبسيط البنك وحفظ مبلغ يقدر بـ3.5 مليار يورو أو ما يساوي 3.9 مليار دولار. ولم تلق تلك الخطة قبولا أو استحسانا. كتب هيو فان شتينس، رئيس أبحاث الأسهم للبنوك الأوروبية لدى بنك مورغان ستانلي «كان من شأن استراتيجية دويتشه بنك أن تشكل نقطة انعطاف قوية بالنسبة للأسهم - غير أنها أحبطت على كثير من المستويات». وأضاف أن المستثمرين أرادوا للبنك أن يمتلك القوة والمقدرة على النمو، وتحقيق عوائد الأسهم المستديمة، واستراتيجية أعمال واضحة، والقدرة على تنفيذ تلك الاستراتيجية مع تحديد مواضع ذكية للتعافي من الأزمات. وأردف قائلا: «بمنتهى البساطة، ليس دويتشه بنك هو غولدمان ساكس الأوروبي بحال». * خدمة «نيويورك تايمز»