في الحلقة الأولى سلطنا الضوء على أبرز المهمات التي يقوم بها رجال المجاهدين على الشريط الحدودي يدا بيد مع بقية القطاعات الأمنية الأخرى، ليتضح لنا بأنهم خط الدفاع الثاني بعد حرس الحدود لصد المتسللين والعابثين، كما أشرنا لأبرز المخاطر والصعوبات التي تواجههم أثناء تأدية مهام عملهم ومدى إصرارهم على تأدية الواجب من أجل حماية الوطن.. اليوم نخوض تجربة جديدة برفقة دوريات المجاهدين الفرقة الراجلة والوقوف على الكمائن المعدة للإيقاع بالمهربين والمتسللين عبر جبال محافظة صعدة القريبة من الحدود السعودية، لنتعرف من خلال تجربة وتغطية حقيقة من أرض الواقع، على طبيعة عمل تلك الفرق الراجلة وحجم الصعوبات والمخاطر التي تواجههم، ولنرصد أيضا حجم التضحيات التي يقدمونها من أجل الذود عن حدود الوطن مهما عظمت الصعوبات وكبرت المخاطر. الحصول على موافقة حاول فريق عكاظ في هذه الجولة إقناع المسؤولين في إدارة المجاهدين للمشاركة معهم في الكمائن المعدة لمراقبة ورصد المتسللين القادمين من جبال محافظة صعدة اليمنية إلى داخل الأراضي السعودية، فبعد أن تلقينا شرحا عن الدور المنوط بالمجاهدين في الحدود وطبيعة عملهم، حاولنا أن نعيش التجربة على أرض الواقع وبطريقة أكثر واقعية، ليتسنى لنا نقل كل التفاصيل كما شاهدناها وبإحساس التجربة الواقعية. في بداية الأمر وجدنا معارضة من المسؤولين على قطاع المجاهدين بالداير بني مالك خوفا على فريق عمل عكاظ ولتوفير أكبر قدر من الأمان والسلامة لهم، إلا أنه ومع الإصرار الشديد والرغبة الجامحة لخوض هذه التجربة، حصلنا على موافقتهم مع طلبهم منا التقيد بكل الشروط والتعلميات التي نتلقاها لسلامتنا أولا، ولعدم إفشال الكمائن التي يقوم بها رجال المجاهدين ممثلين في الفرقة الراجلة حين رصدهم للمتسللين والمهربين، فوافقنا على شروطهم ووعدناهم بتطبيق جميع خططهم والانصياع لتوجيهاتهم. في تمام الرابعة عصرا، انطلقنا من مركز القيادة للفرقة الثالثة في محافظة الداير، على متن عربات دفع رباعي مجهزة، وبعد قرابة النصف ساعة اقتربنا كثيرا من المناطق الحدودية مع جبال صعدة، وخلال الطريق كنا نستمع لبلاغات المجاهدين عبر أجهزة اللاسلكي عن وجود خطر يقترب من المنطقة التي يقومون بتغطيتها، وكانت هذه الإشارة كفيلة لتعلن بدء العمليات وتحديد العدد المطلوب من الفرق الراجلة وتحديد موقع الكمائن الذي يوفر لنا جميعا أكبر قدر من الأمان في حال تم تبادل إطلاق النار مع المتسللين، وخلال أقل من عشر دقائق أصبحت الخطة جاهزة وبدأ التنفيذ. بعد التنسيق ووضع الخطة توقفت عربات الدفع الرباعي في قمة جبل بالجوار من نقطة أمنية تابعة للمجاهدين، وتلقينا أمرا بالسير معهم وتنفيذ جميع توجيهاتهم، وبالفعل بدأنا بالسير على الأقدام لأكثر من عشرين دقيقة على أطراف الصخور الوعرة والحادة مرورا بمنحدرات جبلية خطرة نحو وسط الجبل، بعدها توقفنا وتم توزيعنا على أكثر من نقطة يمكننا الاختباء فيها جيدا بعيدا عن أنظار المتسللين والمهربين، حينها بدأنا برصد كل ما يدور حولنا، فالبعض من رجال المجاهدين كان يراقب بمنظار خط سير المتسللين وهم قادمون باتجاه الحدود السعودية، وآخر يتواصل عبر جهازة اللاسلكي مع النقطة الأمنية في أعلى الجبل إما لإعطاء توجيهات أو لتلقي التوجيهات منهم. كان الوقت المتوقع لوصول المتسللين من ساعة إلى ساعتين، وبعد تمركز وانتظار استمر قرابة الساعة والنصف وقبل غروب الشمس بدقائق معدودة وحين اقترابهم، تلقى أفراد الفرقة الراجلة في الموقع إشارة الهجوم أو التحرك فظهروا أمام المتسللين حاملين أسلحتهم وبكل شجاعة وطلبوا منهم إنزال ما يحملونه على ظهورهم، في تلك اللحظة شاهدنا جميع المتسللين وكان عددهم قرابة الثمانية، مستسلمين تماما ولم يحاولوا الفرار أو المقاومة، نظرا للخطة المحكمة التي نفذها رجال الفرقة الراجلة ونظرا لعامل المباغتة، وبعد أن تم التأكد من تجريدهم من أي سلاح يحملونه معهم وهواتفهم النقالة التي تعمل على شرائح اتصالات يمنية، تم اقتيادهم إلى أعلى الجبل لاستكمال إجراءات تسليمهم والتحقيق معهم. خلال عملية القبض على المتسللين وكانوا من الجنسية اليمنية وآخرون من جنسية أفريقية، وبعد التأكد من تجريدهم من أي سلاح، لم نستغرب كيف كان يعامل أفراد الفرقة الراجلة هؤلاء المتسللين، بداية تم إعطاؤهم الماء وبدأ يظهر على ملامحهم الشعور بالأمان وزاد ذلك الشعور حين تم سؤالهم عن مدى حاجة أي منهم لرعاية طبية، كانت معاملتهم أمرا غير مستغرب ويجسد الإنسانية والمعاملة الحسنة التي حث عليها ديننا الحنيف بطريقة تبعث على السرور في النفس. أحد أفراد الفرقة علق قائلا: لا يمكننا إطلاق النار على أي إنسان مسالم ولم يبد لنا المقاومة صحيح أنه مخالف ومتسلل ومهرب ولكنه إنسان، وبناء على الخطأ والمخالفة التي ارتكبها سيجد عقابه حسب القوانين والأنظمة الموضوعة وهنا يكمن العدل. بعد أن تم الإعلان عن انتهاء العملية بنجاح عدنا إلى قطاع المجاهدين في محافظة الداير بني مالك، ولم تمض أكثر من ساعة حتى وصلت للقطاع معلومات تشير لوجود مركبة من نوع شاص مشتبه فيها داخل محافظة الدائر وتتجه إلى أسفل الجبل، فتحركنا مع فرقة دوريات تابعة للمجاهدين إلى نقطة تفتيش تم تحديدها بعد التنسيق والمتابعة مع توجيهات بعدم إعتراضها داخل النطاق السكاني، وكانت نقطة المجاهدين التي نتجه إليها تقع في مركز بلغازي التابع لمحافظة الدائر بني مالك، وبعد ربع ساعة تقريبا وصلت المركبة المشتبه بها، وتم إيقافها وبعد تفتيشها عثروا على 50 بلاطة حشيش، وتم ضبط المركبة وقائدها. وقبل العودة إلى القطاع مررنا بنقطة أخرى تابعة للمجاهدين تقع في عمود عيبان وتتبع لقطاع المجاهدين بمحافظة فيفاء وأثناء تواجدنا تم تفتيش المركبات القادمة من محافظة الداير وخلال عملية تفتيش المركبات تم الاشتباه في مركبة من نوع جيب تم إيقافها للتحقق من وضعها وعند ملاحظة أفراد المجاهدين ارتباك السائق، تم التحفظ عليه وبتفتيش المركبة عثر على كمية من الحشيش المخدر بداخلها بلغ عددها 112 بلاطة حشيش. 31 رشاش كلاشنكوف وأوضح الناطق الإعلامي لفرع إدارة المجاهدين بمنطقة جازان خالد قزيز في إحصائية خاصة لـعكاظ أن دوريات المجاهدين بجازان تمكنت خلال الشهرين الماضيين من ضبط 2992 شخصا يمنيا و7 نساء يمنيات وطفلين يمنيين، و927 شخصا أفريقيا، و55 امرأة أفريقية وطفلين، و134 مهربا بمختلف القضايا، و216 كيس شمة، و2 قارورة بترول، و586 رأس أغنام، و26.454 طن قات، و911 بلاطة حشيش، و75 حبة كبتاجون، و4.014 لتر مسكرات و236 مسدسا متنوعا، و31 رشاشا نوع كلاشنكوف، و44 طلقة حية متنوعة، و397 مخزن سلاح متنوع و131 ممراط و251 سيارة، و23 دراجة نارية استخدمت بعمليات تهريب متنوعة و160 شخصا قبض عليهم بقضايا اشتباه وتزوير، و136.589 ريال سعودي.