اختتم قادة الدول الصناعية السبع الكبرى حول العالم اجتماعاتهم في بلدة كرون الواقعة جنوبي ألمانيا، بعد يومين من الاجتماعات طغى عليها ملف الأزمة الاقتصادية في اليونان. وفي حين وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القمة بأنها ناجحة "ومثمرة للغاية" قالت إن على اليونان اتخاذ خطوة إلى الأمام في مفاوضاتها مع الدائنين الدوليين بعد أن قارب وقت الانتظار على النفاد. وأضافت ميركل في ختام أعمال القمة التي بدأت أمس الأول أن المجموعة تتسم بما هو أكثر من الرفاهة والقوة الاقتصادية. وقالت إن أعضاء مجموعة السبع تربط بينها قيم مشتركة. إلا أن الصورة الإعلامية الموحدة التي تبدو عليها مجموعة السبع الصناعية، لا تمنع البعض من اعتبار ذلك "الجزء الممتلئ من الكوب"، وأن الجزء الفارغ هو التطورات الاقتصادية العالمية التي أضعفت قوة المجموعة وتأثيرها العالمي في السنوات الأخيرة. وقالت لـ "الاقتصادية" الدكتورة جيما جيبسون المختصة في المنظمات الدولية "الواقع الراهن يشير إلى أن هناك اتفاقا بين أعضاء المجموعة على طبيعة التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، لكن لا توجد لديهم حلول فعالة وواقعية وحاسمة لمواجهة تلك التحديات". وتابعت أن المجموعة تفتقد "قيادة كاريزماتية قادرة على قيادتها وإقناع الآخرين بنجاعة رؤيتها في حل المشاكل". وقالت في هذا الصدد "نلاحظ هذا في الموقف الأمريكي الذي أعلى من شأن النمو على مواجهة عجز الميزانية، لكن أوباما فشل في إقناع الآخرين برؤيته، وتم تحديه بشكل من التحالف الألماني - البريطاني الذي نادى بالحلول التقشفية من خلال خفض الإنفاق الحكومي". الملف اليوناني كان حاضرا بقوة خلال اجتماعات الزعماء السبع حيث أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الوقت "بات محدودا" للتوصل لحل لأزمة الديون اليونانية. وقالت ميركل في ختام الاجتماعات "كل يوم محسوب حاليا .. لم يعد هناك الكثير من الوقت، وهذه هي المشكلة". واعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن على اليونان اتخاذ خيارات "صعبة" وتطبيق إصلاحات لمعالجة أزمة الديون. وأضاف "على أثينا اتخاذ خيارات سياسية صعبة ستكون جيدة بالنسبة إليـــــهم على المدى الطويل". وشدد على ضرورة أن تأخذ المجموعة الدولية في الاعتبار "التحديـــــات الاستثنائيـــــــة" التـــي تواجهها اليونان. لكن مستشارا اقتصاديا في الأمم المتحدة قال إن قصر مخاطر انتكاس الاقتصاد العالمي على انسحاب اليونان من منطقة اليورو "يؤدي إلى طرح وصفة علاجية غير دقيقة أو غير كافية للتعامل مع الاهتزازات الاقتصادية الكونية". وأكد البروفيسور توماس باول في حديث لـ "الاقتصادية" حاجة مجموعة الدول السبع إلى توسيع رؤيتها بشأن حقيقية المشكلة الاقتصادية الدولية. وقال باول "الوقت حان لأن يطرح قادة مجموعة السبع رؤية أكثر شمولية لمصاعب الاقتصاد العالمي، فالمجموعة إذ لم تضم الصين وظلت تستبعدها وهي ثاني اقتصاد في العالم، فإن قادتها سيفشلون في مواجهة التحديات". وتابع "يجب أن يتخلوا عن المعضلة القائمة داخل المجموعة وهي تغليب السياسة على الاقتصاد، فذلك يجعل رؤيتهم لمسار ومسيرة الاقتصاد العالمي جزئية ومشوهة، ولن تكون لديهم قدرة حقيقية على تحقيق نهوض اقتصادي شامل". ولم تخل القمة من الملف الأكثر إزعاجا للدول السبع ألا وهو الموقف من روسيا. وأكد البيان الختامي الموقف الموحد بشأن العقوبات على روسيا إذ لم تحقق تقدما في ملف الأزمة الأوكرانية. وكانت ميركل قد قالت في مؤتمر صحافي أمس إن قادة مجموعة السبع مستعدون - إذا ما اقتضت الضرورة - لتشديد العقوبات على روسيا بسبب دورها في النزاع الأوكراني. إلا أن المتسرب من تفاصيل المناقشات يكشف أن الموقف البريطاني والأمريكي بدا أكثر انسجاما وتماسكا في تبني مواقف أكثر تشددا تجاه موسكو، وإن تطلب فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية. وهذا الأمر لا تعارضه ألمانيا لكنها تريد في الوقت ذاته ترك مساحة كافية لروسيا للتحرك وتغيير موقفها، وعدم قطع الخيوط كافة معها. وقال لـ "الاقتصادية" جيبسون ربنسون، قنصل بريطاني سابق في ألمانيا "في الملف الروسي - الأوكراني على المستشارة الألمانية الموازنة بين مصالح رجال الأعمال الألمان الذين يتعاملون مع روسيا والغاز الذي تستورده برلين من موسكو، ومدى إمكانية التزام أعضاء الاتحاد الأوروبي بهذه العقوبات".