مثلما بدأ حكمه قبل عام باعتذار لفتاة تم الاعتداء عليها جنسيا في ميدان التحرير (وسط القاهرة) أثناء احتفالات فوزه بالرئاسة، أنهى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس، عامه الأول من الحكم، موجها اعتذاره لجموع المحامين بعد اعتداء أحد ضباط الشرطة على محامٍ الأسبوع الماضي، كما وجه انتقادات لاذعة لأداء الحكومة خلال افتتاحه أمس عددا من المشروعات الخدمية، قائلا إن «المعدلات التي يتم العمل بها في مشروعات الدولة غير كافية». ADVERTISING ونصب السيسي رئيسا للبلاد في الثامن من يونيو (حزيران) العام الماضي، خلفا للرئيس المؤقت عدلي منصور، بعد أن فاز بنحو 97 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي خاضها أمام منافسه الوحيد حمدين صباحي. ودعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أنصارها للتظاهر اليوم (الاثنين) في ذكرى تنصيب السيسي. كما وجهت حركة 6 أبريل الشبابية المعارضة المواطنين إلى تنفيذ عصيان مدني شامل في جميع مؤسسات الدولة يوم الخميس المقبل (11 يونيو) تنديدا بالسياسات القائمة تحت شعار «وآخرتها»، لكن يبدو أن تلك الدعوات لن تجد صدى واسعا بين المواطنين، في ظل القبضة الأمنية المحكمة، وفقدان تلك الحركات الكثير من شعبيتها، بحسب مراقبين. وتجاوب السيسي، قائد الجيش السابق، مع مطالب ملايين المصريين الذين خرجوا في مظاهرات مناوئة للرئيس الأسبق محمد مرسي، صيف العام قبل الماضي، وتوافق مع رموز دينية وقيادات سياسية على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإعادة كتابة دستور البلاد. وشهد العام الأول للسيسي مواجهات دامية بين قوى الأمن وأنصار جماعة الإخوان، حيث قتل المئات من الجانبين، كما تم اعتقال المئات من قيادات وأنصار الجماعة، تجري محاكماتهم حاليا. وأظهر استطلاع أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، أن السيسي ما زال محافظًا على نسبة مرتفعة من الموافقة على أدائه، حيث ذكر 9 من كل 10 مصريين أنهم موافقون على أدائه. وأوضحت نتائج الاستطلاع، التي نشرت مؤخرا، نسبة الموافقين جدًا على أداء الرئيس وأنها بلغت 69 في المائة. وقال «بصيرة» إن هذه النسبة ترتفع في ختام السنة الأولى لرئاسة السيسي إلى 80 في المائة بين الذين بلغوا 50 سنة فأكثر، في حين أنها لم تتجاوز 59 في المائة بين الشباب أقل من 30 عاما. وأشار الاستطلاع إلى أنه تم سؤال المشاركين في الاستطلاع عما إذا كانوا سينتخبون السيسى إذا ما أجريت انتخابات رئاسية غدًا، فأجاب 85 في المائة بأنهم سينتخبونه، وأجاب 5 في المائة بأنهم لن ينتخبوه، بينما أجاب 10 في المائة بأن ذلك يتوقف على المرشحين أمامه. وافتتح السيسي أمس 39 مشروعا جديدا في مجالات الطرق والكباري والرعاية الصحية والزراعة والمياه والخدمات نفذتها القوات المسلحة بتكلفة إجمالية 5 مليارات و884 مليون جنيه. وقالت مصادر حكومية إن الأيام المقبلة ستشهد تدشين الرئيس عددًا من المشروعات الاقتصادية الكبرى، لتشكل حصاد عامه الأول من الحكم، أبرزها قناة السويس الجديدة، والتي من المقرر إقامة حفل عالمي لافتتاحها في أغسطس (آب) المقبل. وخلال تصريحات له على هامش افتتاح المشروعات اعتذر السيسي للمحامين عن واقعة اعتداء نائب مأمور قسم شرطة فارسكور بمحافظة دمياط (شمال القاهرة)، على أحد المحامين الأسبوع الماضي، وهو الموقف الذي ردت عليها نقابة المحامين بتنظيم إضراب عام أول من أمس (السبت). ووجه السيسي حديثه للمحامين، قائلا: «أقول للمحامين كلهم حقكم عليّ.. أنا أعتذر لكم»، مضيفا «أقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلي بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللي إحنا فيها»، موجها كلامه للواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية. وتابع: «أنا أعتذر لكل مواطن مصري تعرض لأي إساءة، باعتباري مسؤول مسؤولية مباشرة عن أي شيء يحصل للمواطن المصري، وأقول لأولادنا في الشرطة أو في أي مصلحة حكومية، لازم ينتبهوا إنهم بيتعاملوا مع بشر، والوظيفة تفرض عليهم التحمل، لأن المصريين أهلنا وناسنا ومفيش حد ينفع يقسو على أهله». وأضاف: «عاوزين نأخد بالنا (ننتبه) دايما، ونكون مثل وقدوة». ويسود التوتر بين المحامين والشرطة في مصر، بسبب حدوث اعتداءات بين الحين والآخر من قبل بعض أفراد الشرطة على المحامين أثناء تأدية عملهم. ووجه سامح عاشور نقيب المحامين المصريين الشكر للسيسي، مؤكدا أن اعتذاره «موقف وطني محترم وشعور طيب من الرئيس، ويؤكد احترامه لقيمة ومكانة مهنة المحاماة». وقال في بيان أمس: «إن المحامين أثبتوا أنهم وبحق على قدر مسؤولية أن يكونوا حماة للحق بصفة أصيلة لأنفسهم ونقابتهم». وخلال تصريحاته أمس انتقد السيسي أداء الحكومة فيما يتعلق بمشروع حفر 4 آلاف بئر جوفية لخدمة التنمية واستزراع 4 ملايين فدان خلال الفترة المقبلة، قائلا: «هو إحنا مش عارفين نعمل 4 آلاف بئر جوفي عشان نزرع المليون فدان الأولى؟». وأضاف الرئيس: «كان ممكن نعلن عن توزيع 4 ملايين فدان بسهولة، لكن اتخذنا الطريق الصعب، من خلال إيجاد نموذج يتم تفعيله في كل المواقع، سيتم افتتاحه قريبا، كما في مشروع الفرافرة الذي تم افتتاحه». وأكد السيسى أنه يدخل في تفاصيل كل المشروعات من أجل صالح مصر وأبنائها الذين حملوه الأمانة، وأنه سوف يتحملها بكل شرف وشفافية. وقال إن «الفساد ليس في الأموال فقط، لكن في أسلوب إدارة العمل والتقصير فيه»، مضيفا: «نحتاج معرفة كل حاجة عن بلدنا عشان نعرف نصلحها». كما شدد الرئيس على استعداده للمحاسبة من قبل المواطنين على المسؤولية التي حملوه إياها منذ انتخابه رئيسا للجمهورية حتى اليوم، خصوصا أنه كان قد صارح كل القوى السياسية حينئذ، بالتحديات التي تحيط بمصر. وقال إنه التقى بكل القوى السياسية قبل ترشحه للرئاسة وشرح لهم ظروف مصر من كل النواحي، مشددا على أنه لن يستطيع القيام بتلك المسؤولية بمفرده، لكنه طلب دعم كل أبناء مصر في هذا الأمر، مشيرا إلى أن الجميع أكدوا له وقوفهم إلى جواره لمجابهة هذه التحديات، التي وصفها بالضخمة جدا. وطالب السيسي هيئة الرقابة الإدارية وكل الأجهزة الرقابية بتشكيل لجنة مع الجهات الفنية المعنية للمرور على كل المشروعات التي يجري تنفيذها للتأكد من صلاحيتها الفنية، ومدى جدواها الاقتصادية والميزانيات المرصودة لها، قبيل تسليمها. وقال: «سوف يكون أمامي قبل تنفيذ كل مشروع تقرير رقابي مفصل عن كافة ما دار فيه، وهذا ليس تشكيكا في أحد، لكن لضمان جودة الأعمال التي يتم تنفيذها والالتزام بالتوقيتات المحددة والتوجيهات التي يصدرها حين بدء تنفيذ المشروعات، وأنه تتم مراجعة المشروعات وفقا للمواصفات الفنية المتفق عليها».