تعرض الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح لمحاولة اغتيال، في الثالث من يونيو 2011، في جامع النهدين، داخل مبنى دار الرئاسة، جنوب العاصمة صنعاء، وهي المحاولة التي قلبت سير العملية السياسية داخل اليمن، إذ نجا صالح من المحاولة رغم مقتل تسعة من حراسه، إضافة إلى رئيس مجلس الشورى السابق عبدالعزيز عبدالغني، لكنه واجه ضرورة التخلي عن السلطة. ومع أن تفاصيل المحاولة لم تكشف بعد، إلا أنها تقف دليلا على مدى إصابة صالح بهوس السلطة، والإصرار على العودة إلى كرسي الحكم في اليمن، رغما عن أبنائه، فالمحاولة الجريئة وغير المسبوقة التي تعرض لها صالح ومعه كبار المسؤولين في حكومته، جرت في أوج ثورة الشارع اليمني الذي خرج في فبراير عام 2011، في ثورة شعبية عارمة، مطالبة برحيل صالح عن الحكم، بعد 33 عاما قضاها في السلطة، خلفت بلدا فقيرا ومدمرا، وبنية تحتية هشة، ونسبة فقر مرتفعة. وبعد بضعة أشهر من ابتعاد صالح عن الأنظار، حيث كان يخضع للعلاج في المملكة، ظهر في يونيو 2011 بعد علاجه. وكان كثير من الناس غير مصدقين أن المخلوع صالح لا يزال على قيد الحياة. وتوقع المراقبون حينها أن صالح سيعلن اعتزال العمل السياسي، لمراجعة حساباته خلال فترة حكمه، غير أنه ما لبث وبدأ يناور من أجل الحصول على حصانة قانونية من الملاحقة القضائية له ولعدد كبير من أفراد أسرته، وأتباعه، ورموز نظامه. وقد عملت المملكة ودول الخليج على إقناع الأطراف اليمنية بتلك الحصانة، حرصا على اليمن ومنعا للاقتتال، مقابل تنحي صالح نهائيا عن السلطة. ووقّع المخلوع في 23 نوفمبر على اتفاق نقل السلطة سلميا تحت بنود المبادرة الخليجية وقبِل بنقل سلطاته إلى نائبه الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، الذي انتخب رسميا من قِبل الشعب اليمني في 21 فبراير 2012. إلا أن صالح عمل منذ ذلك الوقت، على عرقلة التسوية السياسية، عبر المسؤولين الموالين له في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، الذين أتى بهم إلى السلطة إبان فترة حكمه. كما أبرم اتفاقا خفيا مع الحوثيين للانقلاب على السلطة الشرعية والدستورية، منذ مغادرته السلطة في 2011، وكان هذا التخطيط عسكريا واقتصاديا وإعلاميا، بدليل التنسيق الواسع والكبير بين الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع في القوات المسلحة اليمنية. وتتناقض هذه التحركات مع ما كان صالح يعلنه من اتهامات للحوثيين بتقويض أمن البلاد وخوضه ضدهم ست حروب. وبعد أن نفذ المتمردون الحوثيون المخطط الذي شاركت إيران في التخطيط له، بدأ صالح ينكر تواطئه مع المتمردين، لا سيما بعد قرار مجلس الأمن الدولي في نوفمبر من العام الماضي، ضده وضد كل من عبدالخالق الحوثي، وأبوعلي الحاكم القائد الميداني لجماعة الحوثي. إلا أنه عاد وأعلن تحالفه الصريح مع الحوثيين في العاشر من الشهر الماضي بعد قصف طيران التحالف لمنزله. وأشار سياسيون إلى أن صالح أضاع فرصة ذهبية عندما فرط في الحصانة التي منحتها له المبادرة الخليجية من العقاب والمساءلة، وسمحت له بالبقاء في اليمن، بعد أن أطاحت به ثورة شعبية سلمية. وبذلك تحول من رئيس إلى مجرد تطارده القرارات الدولية، وتطالب مؤسسات العدالة بمثوله أمامها ليدفع ثمن ما ارتكب من جرائم بحق شعبه. .. وأكاديمي للمخلوع: نهايتك ستكون مثل القذافي سخر رئيس مركز القرن العربي للدراسات سعد بن عمر من مزاعم الرئيس المخلوع، مشيرا إلى أن نهايته ستكون شبيهة بنهاية الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وأسرته، وقال "الحقائق والوقائع لا يمكن لأي شخص طمسها وتعديلها خاصة في حياة كثير ممن شاركوا في صنع تلك الأحداث"، مشيرا إلى أن المملكة كانت وما زالت الحاضنة والحليف للدولة وللشعب اليمني منذ البداية، ووقفت مع الدولة اليمنية في حروبها ضد الحوثي وكان آخر ما قامت به رغم نكران وجحود المخلوع هو المبادرة الخليجية لحماية اليمن من الانزلاق إلى الفوضى نهاية 2012. وتساءل رئيس مركز القرن العربي بأنه عندما يقول لا أريد لا أنا ولا أحد من أفراد أسرتي الرئاسة، إذاً لماذا هذه الحرب والتحالف، وإعادة احتلال البلاد بواسطة ألوية الحرس وميليشيا الحوثي، وقد تناسى أنه قبل بداية عاصفة الحزم بيومين خرجت قوات الحرس الجمهوري باللباس المدني رافعين صورة ابنه مطالبين بترشحه للرئاسة، وهي أمور باتت أضحوكة المجتمع اليمني، وتابع كثيرا مما ورد على لسان المذكور لا يستحق الرد لوضوح مخالفته للمنطق والتصديق، وظهور علامات الانكسار والهزيمة على حديثه، وظهر واضحا أن كثيرا ممن كانوا يقفون إلى جانبه تركوه وابتعدوا بأنفسهم عن ألاعيبه التي دمرت البلاد، وأدخلتها في حروب متواصلة، معطلا بذلك التنمية وتسبب في التضييق على المواطن اليمني في حياته اليومية، حتى أضحى الدم اليمني يسيل بصورة لم يسبق لها مثيل.