لندن: «الشرق الأوسط» فيينا: بثينة عبد الرحمن باريس: ميشال أبو نجم صرح دبلوماسيون أمس (الثلاثاء) بأن إيران وإسرائيل ودولا عربية شاركت في اجتماع سري بشأن فرص عقد مؤتمر دولي بشأن حظر الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، في تجمع نادر لمثل هؤلاء الخصوم الإقليميين، حسب وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يذكر الدبلوماسيون أي تفاصيل عن الاجتماع الذي عقد يومي 21 و22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في أحد فنادق قرية سويسرية قريبة من مونترو. وقال مسؤول إسرائيلي إن مبعوثين عديدين طرحوا مواقف بلادهم، لكن إسرائيل لم تجر أي اتصالات مباشرة مع المبعوثين الإيرانيين والعرب. وقال دبلوماسي عربي لـ«رويترز»: «الشيء الأساسي أنهم كانوا هناك.. الإسرائيليون وإيران. وسيعقد اجتماع جديد قبل نهاية العام». وأضاف أن ممثلين عن الولايات المتحدة وبعض الدول العربية حضروا أيضا المناقشات لكنه لم يذكر أيا منهم بالاسم. وقال دبلوماسي آخر إنه كان هناك ما بين 13 و14 مندوبا حول الطاولة، وإن وكيل وزارة الخارجية الفنلندية ياكو لايافا المسؤول عن تنظيم مؤتمر الشرق الأوسط كان حاضرا. وقال الدبلوماسي إن المناقشات كانت «بناءة تماما»، مضيفا أن اجتماعا آخر سيعقد على الأرجح أواخر هذا الشهر رغم أنه لم يتضح على وجه التحديد من الذي سيحضره. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهو أمر يلقى إدانة متكررة من الدول العربية وإيران التي تقول إن إسرائيل تهدد الأمن والسلم. ويرى المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن أنشطة إيران النووية هي الخطر الرئيس للانتشار النووي، ويقولون إنه لا يمكن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية إلا بعد التوصل إلى اتفاق سلام موسع بين العرب وإسرائيل وفرض قيود يمكن التحقق منها على البرنامج النووي الإيراني. وتقول إيران إنها لا تخصب اليورانيوم إلا من أجل الحصول على الطاقة المدنية وليس من أجل وقود محتمل لإنتاج أسلحة نووية كما يشتبه الغرب. وكانت مصر اقترحت عقد مؤتمر دولي لوضع الأساس لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتمت الموافقة على الاقتراح المصري عام 2010 ورعته روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا. ولكن قبل موعد انعقاده الذي كان مقررا أواخر العام الماضي قالت واشنطن إنه سيتأجل، ولم يعلن عن تحديد موعد جديد. وتقول بريطانيا إنها لا تزال تأمل في انعقاده هذا العام. وتعززت الآمال في التوصل إلى تسوية سلمية لنزاع إيران النووي مع القوى العالمية بعد انتخاب الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني في يونيو (حزيران)، حيث تعهد بمحاولة حل النزاع القائم منذ فترة طويلة بسبب أنشطة طهران النووية. ومن المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا جولة جديدة من المحادثات في جنيف يومي الخميس والجمعة المقبلين. وتُتهم طهران بالمماطلة السياسية بينما تعمل على اكتساب القدرة على إنتاج أسلحة نووية. ومن جانبه، وصف المسؤول الإسرائيلي، أول من أمس، اجتماع 21 و22 أكتوبر بأنه «جلسة تحضيرية» قبل المؤتمر المزمع عن الشرق الأوسط. وأضاف «لم تجر اتصالات بين ممثلنا والممثلين العرب والإيرانيين. لا اتصال مباشرا أو غير مباشر. الاجتماع كان تقنيا في الأساس». وتابع «لم يجر تحديد موعد للمؤتمر نفسه في ما يتعلق بنا. من المهم التمسك بمبدأ أن أي حل يجب أن يحظى بإجماع تام». في غضون ذلك، استبقت الخارجية الفرنسية اللقاء الذي جرى مساء أمس بين الوزير لوران فابيوس ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف بالتأكيد على أن الأخير موجود في باريس بسبب مشاركته في أعمال الجمعية العامة لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) التي مقرها في العاصمة الفرنسية. غير أن «إصابة عصفورين بحجر واحد» لا تقلل من قيمة الحدث الذي هو الثاني من نوعه بين فابيوس وظريف اللذين التقيا في نيويورك أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما كان الرئيس فرنسوا هولاند الزعيم الغربي الوحيد الذي اجتمع بالرئيس الإيراني في الإطار نفسه. وتنبع أهمية اجتماع الأمس من طبيعة المواضيع التي طرحت واللحظة التي حصلت فيها، إذ جاءت بينما القوى الكبرى تسعى مع المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي لتحديد موعد انعقاد مؤتمر «جنيف 2» الخاص بسوريا. كما أن مدينة جنيف تستضيف الخميس والجمعة اجتماعا مهما لمجموعة «5 زائد 1» مع إيران لمتابعة مناقشات الشهر الماضي ولأجل تحقيق اختراق ما في الملف النووي. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن هناك ثلاثة ملفات استحوذت على اللقاء وهي: العلاقات الثنائية وكيفية تطويرها، وملف الحرب في سوريا، والملف النووي الإيراني. وواضح أن الملفين الأخيرين مترابطان ويؤثر أحدهما بالآخر. ففي الملف السوري، خففت باريس من لهجتها إزاء طهران، وهي الآن تعتمد موقفا أكثر ليونة إزاء مشاركة إيران في اجتماع «جنيف 2» المرتقب والذي يبدو أنه تأجل من الشهر الحالي إلى شهر ديسمبر المقبل. ويقوم الموقف الفرنسي، وفق ما أكدته الخارجية الفرنسية مجددا، على ربط قبول حضور إيران بموافقتها على «خريطة الطريق» التي صدرت عن «جنيف 1»، وأهم بنودها تأكيد أن الغرض من الاجتماع المقبل في جنيف هو إقامة حكومة انتقالية تعود إليها كل الصلاحيات التنفيذية أي الخاصة بالحكومة، ولكن أيضا برئاسة الجمهورية. وفي المفهوم الغربي، فإن هذه «النقلة» تعني تجريد الأسد من صلاحياته من غير المطالبة بإخراجه من السلطة في بدء المرحلة الانتقالية. والحال أنه حتى اليوم لم تقل إيران أبدا إنها تقبل نقل الصلاحيات من الأسد إلى السلطة الانتقالية. وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن المستجد في الموضوع هو قرار مجلس الأمن رقم 2818 الذي يدرج في أحد بنوده خلاصات «جنيف 1»، وبالتالي «ليس من المستبعد أن يكون قبولها أسهل حالا» على إيران لأنها إذا قبلتها فإنها تكون قد قبلت قرارا صادرا عن مجلس الأمن الدولي وليس عن مؤتمر دولي استبعدت منه العام الماضي. فضلا عن ذلك، تعتبر المصادر الفرنسية أن «العهد» الإيراني الجديد يرجح أن تكون له «رؤية» مختلفة للأزمة السورية، كما أن رؤيته للملف النووي لحقها التغيير. من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، في تصريح لتلفزيون «فرانس 24»، أنه «من الممكن» التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني «خلال هذا الأسبوع». وقال الوزير الإيراني «أعتقد أنه من الممكن التوصل إلى هذا الاتفاق هذا الأسبوع، إلا أنني لا أستطيع الكلام إلا من وجهة نظرنا، ولا يمكنني الكلام باسم الطرف الآخر».