من الطبيعي أن تعزز الاحداث لغة العواطف وأن تتزايد معها عبارات تفيض منها المشاع، وتتعمق فيها المعاني الانسانية.. اليوم مجتمعنا بعد احداث مسجد القديح ومن ثم احداث مسجد العنود وقبلهما العمليات الارهابية التي ادت ايضا لاستشهاد مواطنين ومقيمين في مدينة الرياض والدمام وخلافها من ممارسات الارهاب المجرم.. بعد كل عملية ارهابية او عملية استباقية لرجال الامن في القبض على خلية ارهاب نائمة وتستعد للاستيقاظ لإصابة مجتمعنا نجد الخطاب العاطفي لحب الوطن ونبذ الطائفية والمؤكد ان رفض الارهاب بكل اشكاله يأخذ الحجم الاكبر من هذا الخطاب المكتنز عاطفة وحبا وشفافية لدرجة ان البعض ينسف كل آرائه السابقة بل ويلغي بعض تغريداته التي تدين تطرفه الفكري. هذه الموجة من الخطاب العاطفي لا تقف عند المواطن فقط بل انها تصيبنا نحن كتاب الرأي وتصيب المسؤول كما تصيب المواطن البسيط في حسابه التويتري وبعد هدوء العاصفة يعود الخطاب الى حيث كان.. تبتدئ تشتغل اللكننة والتبرير لهذه الجماعة وتلك، وتبتدئ وسائل الاتصال الاجتماعي نشر المواد والمشاهد التي تعزز الطائفية وتدعم الفكر المتطرف ونعود لنفس الشحن بل وربما اكثر.. لا ألوم متلقي رسائل الواتس ومرتادي تويتر على وجه الخصوص لأنهما تشملان كافة الاطياف ولا تملك حق الانتقائية المطلقة..،الا ان من يملكون المنابر الثقافية والاعلامية والتعليمية والدينية عليهم تحمل مسؤولياتهم الوطنية في إعادة بناء منظومة الفكر لدى الشباب من الجنسين من خلال نقده بحياد وموضوعية ووفق رؤية ثقافية ووطنيه معتدلة ولعل الأمر ايضا يتطلب تنويع مصادر المعرفة لأن الاقتصار على انواع محدودة من المعرفة من شأنه ان يضعف المحتوى وبالتالي يضعف اثر الرسالة.. خاصة مع تطور وسائل نقل المعرفة وسهولة وصولها في ظل تهديدات وتحديات يواجهها الوطن والمجتمع السعودي بكافة اطيافه..، فمواجهة تغلغل الفكر المتشدد لن تأتي في خطاب عاطفي ينتهي بانتهاء ساعات الحدث ولكن بخطاب استراتيجي يعمل على تفكيك مصادر التشدد من بعض موروثنا الفكري الذي استله بعضنا والارتكاز عليه لخطاب متشدد يؤسس لقاعدة معرفية ينتج عنها متطرفون ضررهم طال الجميع ولم يقف عند منطقة دون اخرى او طائفة دون اخرى بل طالت ذراعه الآثمة الجميع لم ترحم براءة طفل ولم تخجل من ضعف كهل.. خطاب التنفيس عن العواطف لن يعيد الاستقامة لفكر ضال ولكن اعادة النظر في ينابيع الارتواء لهذا الفكر من شأنها ان تطرح لنا ثمارا صالحة للأكل وغير سامة. لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net