×
محافظة جازان

سقوط مقذوف عسكري بجوار دورية مجاهدين جازان

صورة الخبر

شعرت بحزن جارف وأنا أقرأ خبرا عن توجه وزارة الشؤون الإسلامية لتخصيص حراسات أمنية للمساجد بعد حادثتي التفجير في مسجد القديح ومسجد العنود، قد يكون مثل هذا التوجه ضروريا في بعض المساجد الكبيرة والجوامع، سنية أو شيعية، بعد التحول النوعي في أهداف الإرهابيين، لكنه لا بد أن يثير الحزن على ديننا العظيم وعلى الحال الذي وصل إليه بعض المنتسبين له عندما تدثروا به زورا وبهتانا لارتكاب أبشع الجرائم وأشدها مخالفة لقيمه ومبادئه ورسالته، ولم يتورعوا عن اقترافها في بيوت الله التي ترمز للسلام والسكينة والطمأنينة. إنه شعور لا يمكن استيعابه واحتماله عندما يخرج المسلم قاصدا المسجد وبداخله قلق وخوف من أن يتحول إلى أشلاء وهو راكع أو ساجد، بل إن منظر المسجد ذاته قبل الدخول إليه وهو محاط بالحراسة شيء لا يمكن احتماله. المسلم الحقيقي يشعر بحالة من الروحانية الشفيفة والصفاء والتجلي عند سماعه للأذان وفي طريقه للمسجد وأثناء صلاته وعند خروجه لاستكمال تفاصيل حياته الدنيوية المزعجة التي لا تخفف من توترها سوى تلك اللحظات من السكينة، فكيف لها أن تتحقق وهو يخشى أن يتمزق جسده من حزام ناسف تمنطق به شخص بجانبه في الصف. لم يمر على التاريخ الإسلامي ما هو أسوأ مما يحدث الآن، ولم يتعرض الإسلام وباسمه لتشويه أكثر مما يتعرض له الآن. نعم نعرف حوادث مؤلمة ارتكبت منذ عهد الخلافة والعصور التي بعدها، لكننا الآن نشاهد إبادات جماعية وحرقا للأحياء وحصد أرواح مئات الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد، وتفجيرات في المساجد بشكل مستمر، وتسويغا صريحا للوحشية والكراهية، وتكفيرا بشكل مجاني لمجرد حدوث الاختلاف، وكل الذين يقترفون هذه الآثام يدعون أنهم وحدهم على حق وغيرهم على باطل ولا بد من قتلهم، وهم لا يعرفون أنهم مجرد أدوات لتشويه الدين وإضعاف الأمة الإسلامية وخراب أوطانها. لقد وجد الذين يحيكون المؤامرات لنا ضالتهم في أبنائنا، وجدوهم جاهزين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم للاحتراب وإبادة أنفسهم بأنفسهم، وتجهيز أوطانهم للخراب. تاريخنا المشحون بالخلاف والكراهية والتطرف هو الذي سهل المهمة لغيرنا كي يخترقنا من الداخل؛ لأننا لم نشأ تنقية ذلك التاريخ من الشوائب السامة التي تخللته، وها نحن نحصد النتيجة المرة.