.. كم أتمنى لو أن كل سفير أو دبلوماسي كتب ذكرياته عن السنوات التي قضاها متنقلا من دولة لأخرى ليروي للقارىء مشاهداته، وما صادفه من مواقف طريفة أو قاسية لتكون عبرة. أخي الصديق حمزة أحمد بكري بعث لي بنسخة من كتاب أصدره الأستاذ رضا عبدالمحسن النزهة بعنوان : (دبلوماسي - في أربع قارات).. والواقع أنه جدير بالقراءة لما فيه من مرويات كتبت بأسلوب جميل. وفي المقدمة يقول المؤلف : فكرت بتدوين صفحات هذه الرواية التي تحمل قصة حياتي على مدى أربعين عاما، كنت أسائل نفسي وأقول : ماذا سوف يستفيد القارىء من الاطلاع على سيرة حياة شخص لا يعرفه ولا يمثل شخصية معروفة ؟ ثم اطلعت على ما كتبه الدكتور غالي شكري، وعلق عليه الكاتب الأستاذ سعد الحميدين حيث تساءل الدكتور غالي بقوله : هل هناك عودة إلى الواقعية في الرواية العربية «الجديدة»؟ والمقصود بالمصطلح الواقعي في هذا السياق هو أن الواقع المرئي المباشر، أوالواقع التاريخي هو الاطار المرجعي للروائي، ولا يعود للخيال أو الخلق في هذه الحال سوى إعادة وترتيب الوقائع الجزئية وتحريكها وفق رؤية ما لحركة الواقع أو حركة التاريخ . ثم ما لبثت بعد ذلك أن اقتنعت، بل وتشجعت في آن أخوض غمار هذه التجربة، خصوصا عندما طلب مني الكثيرون من أهلي وأصدقائي ومعارفي القيام بتدوين الأحداث الكثيرة والمتعددة التي كنت شاهدا عليها، أو تلك التي مررت بها وتعرضت لها شخصيا خلال سنوات عملي الطويلة في السلك الدبلوماسي السعودي متنقلا في العمل بين سفارات بلادي المملكة العربية السعودية في عدة دول بقارات العالم الأربع، بالنسبة للأحداث التي تعرضت لها أثناء قيامي بعملي الدبلوماسي، سبق أن أوردتها الصحف والمجلات السعودية وتحدثت عنها مطولا على صدر صفحاتها وقت حدوثها، وكما يقول المثل :»ليس من رأى كمن سمع». من المعروف أن الرأي العام يفضل دوما مشاهدة وقراءة وسماع الأحداث وتسلسلها من الأشخاص الحقيقيين الذين تعرضوا لتلك الأحداث أو عاصروها وكانوا شهودا عليها، لأنهم الأقدر بالتالي على وصفها بكل تفاصيلها، وإلى جانب كل ذلك فقد خطرت لي فكرة أخرى زادت من قناعتي للبدء في الكتابة، وتمثلت الفكرة في جعل هذه الرواية تشمل توثيقا وتسجيلا للعديد من الشخصيات والدول والعواصم والأماكن، إضافة إلى بعض الأحداث العالمية». تحية للأستاذ رضا عبدالمحسن النزهة والشكر لأخي حمزة البكري الذي وافاني بنسخة من الكتاب.. السطـر الأخـير : من لا يعرف إلا بلده ، لا يعرف بلده.