طرفة أوردها الزميل الأستاذ جمال بنون على صفحته في الفيس بوك تقول إنه «تم استدعاء مجموعة من أساتذة الجامعات العربية (تخصص هندسة) وأجلسوا في طائرة ، وعندما أغلقت الأبواب استعداداً للإقلاع تم إعلامهم أن هذه الطائرة هي من صنع تلاميذهم . عندها هرعوا نحو أبواب الطائرة محاولين الهروب والنجاة بأنفسهم باستثناء أستاذ واحد . أجاب بثقة: بما أنها من صناعة تلاميذنا فأنا على يقين من أنها أصلاً لن تطير هذا إذا اشتغلت من الأساس»! *** هذه الطرفة تعكس الواقع في أغلب بلداننا العربية. لذا لم يكن غريباً أن يُعلق صديق الفيس بوك من مصر الأستاذ ياسر العدل فيقول مخاطباً الأستاذ جمال بنون: «أستاذ جمال، أدعوك لزيارتنا فى القاهرة، سأوردك موارد النكتة الرائعة!! .. اهئ اهئ اهئ .. لدينا فى مصر (...) مثلما لديكم (...) .. ويا قلبى لا تحزن .. (عقولنا على الزيرو) لم تستخدم بعد .. الظريف أننا نستخدم على معاشنا وافدين (عقولهم استخدام خفيف) فكيف تغادرنا النكتة اذن؟ .. متوديناش فى داهية». *** وتذكرني طرفة الأستاذ جمال بنون، ورد الأستاذ ياسر العدل بمقال كتبته بعنوان: (على الزيرو؟!) بتاريخ 23/12/2011، أصف فيه حال معظم المجتمعات العربية حيث يتصرف القائمون على شؤون هذه المجتمعات وكأنهم مشدودون بكرة حجرية مثل التي كانت تُربط الى أقدام المسجونين، وعيوننا تنظر الى الخلف دوماً ونظن أننا ننطلق إلى الأمام. وأحيانا نمارس التمرين العسكري الشهير الجري في مكان وعند محلك سر لا نمارس الا صف وانتباه، ونتخيل أننا سنكسب الماراثون! *** الواقع أن حالنا كعرب هو أكثر تدهوراً لأننا سنكون محظوظين لو اقتصرت مشكلاتنا على الوقوف في مكاننا. أزمتنا ليست في الثبات وعدم التحرك، بل التقهقر إلى الخلف وتمني عودة الزمان الى عهود مضت ولن تعود. هذا المنطق يتناقض مع العقل ومع حركة الكون التي لا تستقر على حال. فلو استخدمنا منطق أولئك الذين يقولون بهذا، فإن هذا الوضع هو نوع من عدم الرضا بالزمان الذي يقارب الاعتراض على المشيئة الإلهية؟! *** وغالباً ما نسترجع الماضي وقضايا التراث بشكل سلبي يجرنا للخلف بدلاً من أن يدفعنا للأمام. فمقولة «اللي ماله ماضي ماله حاضر»، نأخذها بشكل سلبي للعودة للوراء لا لكي تكون حافزاً لنا لاستعادة قوة الماضي لبلوغ القوة للمستقبل. ناسين أن التراث هو كنز يجب البناء عليه وليس اجتراره. ومثل هذا الفكر، كما يقول د. زكي نجيب محفوظ، «هو فكر بدائي نتصرف فيه مثل سكان الكهف الذين أعطوا ظهورهم لفتحة الخروج لا يرون إلا ظلالاً وانعكاسات على الجدار الداخلي». *** التناقض الأكبر هو رفض البعض منا العصر مع عدم الحرج في استخدام تقنياته، بل ومفاخرتهم بأن الله قد سخر لنا عقول الغرب ومخترعاتهم كالدواب نستعملها لمصلحتنا دون جهد منا، فيكدون هم ونرتاح نحن. وهو ما يذكرني بطرفة تقول أنه كان في أحد المستشفيات مريض كان الأمل الوحيد لنجاته هو نقل «مخ» بعد تلف مخه في حادثة مرورية. وقد خير الطبيب عائلة المريض بين نقل «مخ» من متبرع «عربي» وهذا تبلغ قيمته مائة ألف دولار، أو «مخ» من متبرع «غربي» وهذا قيمته ألف دولار فقط! فلما سألت عائلة المريض عن سبب الاختلاف الشاسع بين قيمة المخين، وارتفاع سعر المخ العربي، أجاب الطبيب: لأن «المخ» العربي «على الزيرو» .. لم يتم استعماله؟! لذا ليس غريباً أن معظم أفكارنا لا تطير مع أنها مليئة بالهواء الساخن؟! •نافذة صغيرة: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} الأنفال: 22 nafezah@yahoo.com nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain