اتّسعت السوق السوداء في اليمن نتيجة الأزمة الحالية وتفاقم الصراع، في شكل غير مسبوق، لتشمل في وقت واحد الغاز المنزلي والبنزين والديزل والعملة المحلية (الريال). وأكد «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» اليمني في تقريره الاقتصادي الثاني الذي أصدره أخيراً، أن الوضع المعيشي ازداد سوءاً في ظل استمرار زيادة أسعار المواد الأساسية والغذائية وارتفاع البطالة واتّساع رقعة الفقر. وجاء إصدار التقرير ضمن مشروع «رصد» الذي يهدف إلى «مراقبة الوضع المعيشي والاقتصادي في اليمن، في ظل اتّساع المواجهات في الكثير من المحافظات». واستهدف سبع محافظات هي «تعز وعدن وصنعاء وحضرموت والحديدة وإب، ومأرب». وأشار إلى انخفاض بسيط في أسعار مادة القمح، إذ بلغ متوسّط الزيادة في تلك المحافظات 59 في المئة في مقابل 60 في المئة في مطلع أيار (مايو). وحصلت محافظة عدن على أعلى نسبة زيادة بين المحافظات تلتها تعز، في مقابل حضرموت التي جاءت أقل المحافظات ارتفاعاً في الأسعار. وافاد التقرير بأن تدفّق المساعدات خلال الفترة الأخيرة كان وراء ذلك الانخفاض البسيط، إلا أنه اعتبر أن ذلك الانخفاض «لا يتناسب مع حجم المساعدات التي قدّمت خلال الفترة ذاتها». وفي ما يتعلّق بالغاز المنزلي والمشتقات النفطية، أوضح التقرير أن الكميات التي تم السماح لها بدخول السوق اليمنية لم يكن لها التأثير الحقيقي على حياة الناس، إذ اتّسعت رقعة السوق السوداء بأسعار متوسّطة لقارورة الغاز تجاوزت 300 في المئة من سعرها الحقيقي في مقابل زيادة 400 في المئة خلال الأيام الأولى من أيار. وتباع القارورة في صنعاء بخمسة آلاف ريال يمني في حين أن سعرها الرسمي للمستهلك هو 1200 ريال فقط. كما بلغ متوسّط الزيادة في سعر مادة البنزين في السوق السوداء 600 في المئة في مقابل 700 في المئة خلال الأيام الأولى من أيار. وتباع صفيحة البنزين (20 ليتراً) في السوق السوداء بسعر يصل إلى ستة آلاف ريال في حين أن سعرها الرسمي ثلاثة آلاف ريال فقط. أما بالنسبة الى مادة الديزل فقد بلغ متوسّط الزيادة 360 في المئة في مقابل 450 في المئة خلال الفترة ذاتها. وأضاف التقرير أن عدم توافر الغاز المنزلي دفع بالكثير من المواطنين إلى ابتكار حلول بديلة منها استخراجه بطرق بدائية من خلال مخلّفات الحيوانات أو استخدام مادة الفحم أو الحطب. ولفت التقرير إلى أن غياب مادتي البنزين والديزل انعكس في صعوبة حركة انتقال المواطنين، سواء داخل المدن أو في ما بينها، إذ سجّل ارتفاع أسعار المواصلات بنسبة تجاوزت 100 في المئة. وعلى رغم انفراج أزمة البنزين إلا أن أزمة الديزل ما زالت مستمرة، ما ضاعف سعر شاحنات المياه المنزلية، إذ وصل سعر الشاحنة الكبيرة إلى 14 ألف ريال فيما كان سعرها قبل الأزمة 6 آلاف ريال فقط. كما ارتفع سعر الخبز بأنواعه كافةً. وقدّر التقرير أن عدد اليمنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات عاجلة يقارب 13 مليوناً، توزّع على كل محافظات اليمن، إذ حصلت المحافظات التي تشهد مواجهات على عدد أكبر على رأسها محافظات تعز وعدن وصعدة. وفيما أشار إلى استقرار أسعار صرف العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، في ظل امتناع البنوك عن الدفع بالعملات الأجنبية، فإنه أكد وجود سوق سوداء في تجارة العملة بأسعار صرف تجاوزت الأسعار المقرّة من قبل البنك المركزي اليمني، إذ سجّل سعر الصرف في البنوك 215 ريالاً للدولار الواحد، في حين سجّل السعر في محال الصرافة والسوق السوداء 225 ريالاً.