أين يكتسب المواطن خبراته، وكيف؟ سؤال طبيعي وإن جاء في صيغة المفاجئ. المباغتة هنا مقصودة وضرورية، فالعنوان الذي يطرحه السؤال منسي وإن بدا أنه حاضر في بعض التناولات السطحية السريعة، فيما الجدية هنا مطلوبة نحو مراكمة معرفة تسد فراغاً أكيداً. صحيح.. كيف يكتسب الإماراتي خبراته، وأين؟ في مرحلة سابقة. ارتفعت أصوات مواطنين بمرير الشكاوى ضد مؤسسات تشترط في وظائفها، جميع وظائفها، اكتساب المتقدمين لها خبرة سابقة تمتد لعدد معين من السنين، وكان السؤال الحائر الحاصر دائماً: وكيف يكتسب المواطن المرشح خبراته ابتداء وهو لم يدخل الحياة العملية بعد؟ كأنما هو سؤال البيضة والدجاجة يطرح للمرة الأولى في تاريخ السؤال. ربما، مع تكريس أطروحة التوطين في شكلها الراهن، بدأت عملية استقطاب المواطنين تظهر وتتضح أكثر، وفي شروط ذلك، تندرج برامج تدريب قبل العمل وعلى رأس العمل، ما يعني أن إكساب المواطن الخبرة دخل في الوعي الجمعي للمؤسسات، لكن على تفاوت في الدرجة والنوع، وهذا طبيعي شريطة الالتفات إليه نحو ردم أي هوة مهما كانت أو بدت صغيرة. وواقع الحال أن مؤسساتنا الوطنية، حتى في القطاع الحكومي الخالص، فضلاً عن القطاعين المشترك والخاص، ليست تحت مظلة إدارية واحدة، أضف إلى ذلك أن تنوع الاختصاصات يفرض، بدوره، تنوع الاتجاهات في التعامل مع طريقة أو طرائق إكساب المواطنين الخبرة، علماً بأن البعض ما زال يبخل على المواطن بالمعلومات التي تكون الخبرة بالرغم من تكليفه ذلك. إلى جانب دور المؤسسة المهم، هنالك دور الفرد الذي لا يقل أهمية، دوره في تنمية الذات، وفي التدرب والتعلم المستمر، وفي اكتساب وتنمية المهارات، وكل ذلك يجب أن يكون وفق منهج واضح أو خريطة طريق، بحيث يتعامل الفرد مع نفسه وتتعامل معه مؤسسته باعتباره مشروع تنمية بشرية في الحاضر والمستقبل. نعود إلى نقطة التفاوت الملموسة بين المؤسسات والأفراد في الاعتناء بعنوان الخبرة، حيث يتخلى بعض المؤسسات عن دوره تماماً، خارج كل خطة أو تخطيط، تاركاً الأمر للغفلة والمصادفات، وهذا لا يجوز قطعاً. أما ما يطلب، وبإلحاح، فمتابعة الأمر منذ المراحل المبكرة تحت طائلة المساءلة، بدءاً من وضع البرامج بأسقفها الزمنية، وليس انتهاء بمبادرات الإرشاد والتشجيع والتحفيز. في الإجابة عن السؤال، فإن المواطن إنما يكتسب الخبرة في وطنه وفي مؤسسته الوطنية، وفي مرحلة الإتقان والتجويد هذه إنما يلزم أن تكون الخبرة حقيقية وجادة وأقرب ما تكون، حسب مراحلها، إلى النضج والاكتمال، وذلك نحو تكوين خبراء إماراتيين، وهو الهدف الذي لا يتحقق بالوصول إلى بعد الخبرة الزمني وحده. ebn-aldeera@alkhaleej.ae