×
محافظة المنطقة الشرقية

بلدية الخفجي تغلق مخبزاً بعد انتشار مقطع يظهر فيه الخباز بسلوك مشين

صورة الخبر

تواصل مبادرة «الفلسفة في الزنقة» أي «الفلسفة في الشارع»، التي اطلقها شباب مغاربة منذ سنتين نجاحها في ملامسة مجموعة من المواضيع وإثارة النقاش في بعض القضايا المجتمعية التي تلامس الواقع المعاش للشباب المغربي، بعدما قرروا إخراج الفلسفة من حجرات الثانويات والجامعات إلى الشارع. وبعد أن بدأت الفكرة فقط في العاصمة الرباط توسعت لتشمل مدناً مغربية أخرى. وعلى رغم مطاردة الشرطة والمنع الذي يطاول بعض نشاطاتها المفتوحة في الساحات العمومية التي اختارتها مكاناً للنقاش الفلسفي الحر والجاد، بدعوى أنها تعقد تجمعاً غير مرخص، ومحاولة السلطات اكثر من مرة تفريق الشباب والشابات الذين اجتمعوا لتناول مواضيع السلطة او الحب او الحرية او حقوق الإنسان او العنف وغيرها من المواضيع الشائكة ومناقشتها فلسفياً، إلا ان هذه الفئات الشبابية استطاعت ان تجعل شباباً آخرين في مدن مغربية عدة يتبنون الفكرة ويعملون على تنفيذها والرقي بمستواها واستقطاب الشباب الى مواضيعها ونقاشاتها الفلسفية على غرار تجربة شباب الرباط. يقول عزيز الطاهري احد الشباب المدافعين عن هذه المبادرة انها تظاهرة شبابية ارادها اصحابها منبر من لا منبر له في ظل إقصاء الأصوات الشبابية عن الدفاع عن قناعاتها الحداثية وإبراز طاقاتها الإبداعية وذكاء شخصيتها، موضحاً ان النشاط يتم الاستعداد له بتشاور مع المواكبين للموضوعات المطروحة للنقاش، وبذلك يختار الشباب مساء كل يوم سبت موعداً للشباب من التلاميذ والطلاب الجامعيين، مع اقتسام الأفكار والمعارف، في إطار تيمة فلسفية للنقاش تحدّد قبل الموعد ويتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي،على أن يقوم أحد الشباب بالتطوع لإلقاء تقديم حول الموضوع الذي تم اختياره للنقاش لمدة نصف ساعة، بعدها يتم فتح الباب أمام مداخلات الحاضرين والنقاش، وتبدأ تلك اللقاءات بتأكيد قيم المجموعة التي أهمها أن «لا أحد يملك الحقيقة ووجوب احترام رأي الآخر». وتأتي هذه المبادرة الشبابية، وفق الطاهري، بمثابة زرع سلوك المصالحة مع الجدل الفلسفي الذي أضحى في أذهان الكثير من الشباب شبحاً من الدروس المبهمة التي تثقل كاهل الطلاب أيام التحضير للامتحانات، وذلك للرقي بالمستوى الفكري للشباب وصقل مهارة النقد لديهم. ويمكن القول إن الفلسفة هي المعرفة والبحث والاكتشاف والتفكير التي تهدف إلى تفسير الأسرار، وتحاول أن تفهم المعرفة والحقائق. تتحدّث الفلسفة عن الارتباطات القائمة بين الأفراد والطبيعة، وبين الشخص والمجتمع، وهي نابعة من الاستغراب وحب المعرفة والاستطلاع والاكتشاف والرغبة في المعرفة والبحث، والفلسفة لا يمكن تعريفها الا بحذر وبــــدقة لأنها صعبة جدًا ومثيرة للحديث والجدال، هذا ما يدعو إليه ارســطو وفق الطاهري. وعلى رغم كل محاولات الإساءة إلى التظاهرة، يؤكد الطاهري ان تشبث «فلاسفة الزنقة»، بالاستمرار في نشاطهم، يعكس حيويتهم في تعميم الفلسفة وجعلها في المتناول وزعزعة نخبويتها، فهم يقومون باستعادة روح الفلاسفة الراحلين، فيحضر أفلاطون وهيغل وسقراط وديكارت وغيرهم. انهم اصحاب مبادرة شبابية مغربية مئة في مئة، أعجب اصحابها الذين أطلقوا الفكرة بالفيلسوف الفرنسي ميشال أونفراي وقرروا «مغربة» تجربة الجامعة الشعبية التي انتشرت في فرنسا وكندا والبرازيل. وناقشت إحدى الجلسات الحوارية في إحدى الساحات العمومية لمدينة طنجة موضوع «الأخلاق وعلاقتها بالأديان»، اذ هناك من يعتقد أن البنية الأخلاقية منعزلة عن الدين باعتبار الأخلاق أقدم من كل دين، ومنهم من رأى أن الدين هو أفضل تنزيل للأخلاق على أرض الواقع، ليتفقوا على أنه لا يمكن تحديد تعريف محدد للأخلاق باعتبارها مفهوماً مطلقاً لا يتعدى أن يكون نتاجاً لتعاقد اجتماعي. المهم استطاع هؤلاء الشباب إخراج نقاشاتهم من العالم الافتراضي إلى الفضاء العمومي، لتختلف معالجة الشباب وتتنوع آراؤهم بخصوص موضوع «العلمانية في المجتمع المغربي...هل هي ممكنة؟». وفي مدينة الحسيمة تم التساؤل في احدى الحلقات عن «الحرية» كموضوع للمناقشة. وعلى رغم اتساع مفهوم الحرية وشموله إشكاليات فلسفية تهمّ الفرد والوجود والدين، إﻻ ان المشاركين حاولوا تلخيص مفهوم الحرية، على أنها قدرة على فعل أي شيء طالما ﻻ يهدّد أحداً وﻻ يضره. إﻻ أن الاختلاف الأكبر في النقاش كان إشكالية من له الحق في رسم حدود الحرية؟ أم أنها تحدد في شكل مباشر من خلال الدين والدولة والعادات والتقاليد؟، ليمنع شباب الرباط من إثارة سؤال «هل الحب جريمة» على هامش النقاش الدائر حول الحرية الجنسية بموازاة التعديلات التي جاءت بها مسودة القانون الجنائي. وكانت قضية مطاردة «شباب الفلسفة» من طرف السلطات الأمنية وصلت الى البرلمان عبر تساؤل شفوي طرحه احد النواب الذي ناقش ما يتعرض له الشباب من منع لهاته المبادرات التي وصفها بالإبداعية، مطالباً بأن تتحلى الدولة بالحكمة في تدبير شؤونها الأمنية وتحتضن مثل هذه المبادرات الحضارية التي يضمن الدستور حمايتها، داعياً الجهات المسؤولة الى اعداد فضاءات تليق بالنقاش الفلسفي للشباب.