أكد الكاتب والروائي المصري الكبير جمال الغيطاني، أنه لم ير في حياته أحدا يمتلك شجاعة مواجهة الموت مثل نجيب محفوظ وعبدالرحمن الأبنودي. وقال خلال الصالون الثقافي بدار الأوبرا المصرية، الذي احتفى بعيد مولده الـ«70»: «الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي كان يتمتع بحب الناس، لدرجة أنه عند دخوله المستشفى اتصل بي المدير وقال:أعمل إيه في صحبك، الأطباء والممرضون في حجرته بيحكي لهم حواديت». وأضاف: «ذات يوم دخل الطبيب على عبدالرحمن فوجده على الأرض ويأكل حمام، فقال له ده خطأ، فرد عليه عبدالرحمن قائلاً: يمكن يكون آخر مرة آكله». وأشار جمال الغيطاني، إلى أن هناك من قاربوا الموت مثل «أبوالعلاء المعري» ومحمود درويش في الجدارية، وعبدالرحمن الأبنودي في معظم أشعاره خلال السنوات العشر الأخيرة من حياته. وعن علاقته بنجيب محفوظ قال الغيطاني: «في أحد الأيام، كنت أقف بالقرب من ميدان العتبة، وكان عندي وقتها 14 عاما، ورأيت نجيب محفوظ يمر من أمامي فاستوقفته وسلمت عليه، وعرّفته بنفسي، ودعاني إلى كازينو الأوبرا، وهو عبارة عن مقهى، وكان الجلوس على المقهى وقتها مرتبطا في ذهني بالفساد، بالإضافة إلى أن هذا المقهى يعلوه ملهى ليلي، ومن هنا بدأت علاقاتي بنجيب محفوظ إلى أن توفي. ورفض الغيطاني أن يقال عنه كاتب كبير وعالمي، لأن من ينطبق عليه ذلك واحد فقط، هو نجيب محفوظ. وأكمل: «ذات يوم سألني نجيب محفوظ عن سبب حزني، فقلت له لم أكتب منذ شهر، فقال تقرأ، قلت أقرأ كثيرا، فرد عليّ قائلاً: «اطمن على نفسك القراءة مثل الكتابة». وعن علاقته بالكتابة قال الغيطاني: «أول كتاب يصدر لي، كان بالاشتراك مع صديق عمري يوسف القعيد، وعلى نفقاتنا الخاصة، فتحمل كل واحد منا 30 جنيها». مشيرا، إلى أن الكاتب هو من يكتب ما لم يتم كتابته من قبل، فإذا لم يأت بجديد فلا يكون مبدعا، وإنه عندما أراد أن يكتب القصة القصيرة ذهب واشترى كتابا حول «فن كتابة القصة القصيرة»، وقال: كان أول كتاب أشتريته غير مستعمل، وأنصح من يبدأ الكتابة بالقصة لا يقرأ أي كتاب عن فن الكتابة، لأنه يقيدك بمعايير ثابتة، وعندما بدأت بالكتابة كنت أريد أن تكون لملامح كتابتي شيء مختص، مثل من يرى عمارة ويقول إنها فن معماري قديم، وعندما نرى مسجدا نقول إسلاميا، وعلى الكنيسة قبطي، فأنا أريد من يقرأ كتابتي يقول كتابة غيطانية. وعن الوضع الثقافي الذي نشأ فيه، أشار الغيطاني إلى أن القاهرة كانت تتمتع بمناخ ثقافي مميز وليبرالي إلى حد كبير، وأضاف: «علّمت نفسي بنفسي، وعرفت شكل الحروف قبل دخولي المدرسة، من قراءة والدي للصحف، وكنت أقرأ ما أعثر عليه من الكتب العربية والمترجمة والتراث، وأتمنى أن تتحول مصر لمكتبات، فمصر بلد ولّادة للكتاب، ولكن المشكلة الآن أن الحركة النقدية ضعيفة، وتعتمد الرواية أو أي عمل أدبي على حجم المبيعات، حيث إن الأكثر مبيعا هو قمة الإبداع، فالمقاييس دخلت على بعضها». وحول وضع المرأة، قال الغيطاني: «إن الأم في مصر هي مصدر الحياة، والمرأة أيام الاحتلال الإخواني، أُهينت، والدولة بلا إعلام، فالإعلام يخدم مصالح غامضة، وإذا أردنا أن نعبّر عن المرأة، فذلك عن طريق الكتابة الأدبية، ومن يقرا «ذات» للكاتب الكبير صُنع الله إبراهيم، يجد ذلك».