أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، في حديث أجراه أخيراً، أن الولايات المتحدة تبحث بجدية، في طريقة تعاملها مع الصراع العربي الإسرائيلي، وقال إنه لن يفقد الأمل مطلقاً بتحقيق السلام. أقر أوباما بوجود عقبات تقف بعناد أمام التوصل إلى حل ملموس، ولخصها بـ التوترات المستعرة في شرقي القدس والضفة الغربية، وحرب غزة الصيف الماضي، والأسئلة الجدية المتعلقة بالالتزام التام بمشروع الدولتين. وقال إنه بات لا يخفى على أحد، نطاق الصعوبات التي تصعّب متابعة المسار. ويبدو أن أوباما يدرك جيداً أنه طالما يعتلي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رأس السلطة السياسية، فسيكون تحقيق حل الدولتين مهمة أشبه بالمستحيل. وتأتي ملاحظات أوباما تلك، في أعقاب تطورات مقلقة في سياسات إسرائيل، حيث شكل تعليق نتنياهو خلال الحملة الانتخابية، بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية خلال فترة رئاسته، الإنذار السيئ الأول، الذي ما لبث أن ألحقه بتعيين نفتالي بينيت، المؤيد بشدة لبناء المستوطنات، وآيليت شاكد في منصب وزير العدل، وهي التي دعت خلال عدوان 2014 على غزة، إلى التطهير العرقي للفلسطينيين. وتعود تصريحات أوباما بالذاكرة إلى القاهرة عام 2009، حيث كان الرئيس الأميركي الأول الذي اعترف بشكل غير مسبوق بـ ألم التشرد الذي عاناه الفلسطينيون لأكثر من 60 عاماً، وتحدى أوباما في خطابه كذلك شرعية مواصلة إسرائيل التوسع في بناء المستوطنات. وجّه قادة أوروبا، أيضاً، رسالةً شديدة اللهجة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي السابقة فيديريكا موغيريني، قالوا فيها إن إعادة انتخاب نتنياهو تتطلب سياسة جديدة من الاتحاد الأوروبي، حيال الأراضي المحتلة. وجاءت توصيات الرسالة واضحةً لجهة لعب الاتحاد الأوروبي دوراً حاسماً في دفع عجلة مفاوضات السلام، والابتعاد عن التردد في الانطلاق بوجه الولايات المتحدة، التي لطالما أصرت على أخذ مركز القيادة. واختتمت الرسالة بتوصيات سياسية، نادت بـ نهج جديد، ينطوي على جهود لإقناع حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، المصممة على القتال، بتبني منهج سياسي لا عنفي من الآن فصاعداً. وقد اعترف الفاتيكان، أخيراً، بالدولة الفلسطينية، مشدداً على أنه لطالما أقر بشرعيتها. وكان البابا قد اعتاد الإشارة في كلامه إلى دولة فلسطين. وكانت حاضرة الفاتيكان قد أعربت عن أملها بإيجاد حلٍ للقضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع القائم على أساس حل الدولتين. وتشكل أخبار دخول أوروبا على خط المباحثات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تسطيراً فاضحاً، ليس لتراخي إدارة أوباما وحسب، بل لوجود تغير محتمل في الدور القيادي، الذي طالما كانت لواشنطن اليد العليا في إدارته كطرف مفاوضات رئيس. على ضوء وقف محادثات السلام بقيادة أميركا، ووصول يمينيين متطرفين إلى السلطة في إسرائيل، فإن الفلسطينيين ومناصريهم سيلجؤون، على الأرجح، إلى اتباع مسارات جديدة للمساعدة. وقد يتمكن الاتحاد الأوروبي من بث الحياة مجدداً في ما بات يعرف بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الميتة. جهود ضائعة على الرغم من مثابرة جون كيري، لم تنطلق عجلة خطة السلام أبداً، في ظل رفض نتنياهو وقف بناء المستوطنات. وارتفع عدد الاعتقالات الإسرائيلية العشوائية بحق الفلسطينيين، وحصلت السلطة الفلسطينية على عضوية الأمم المتحدة، فأحبطت بذلك الجهود الأميركية، وذهبت وعود أوباما سدىً.