القاهرة: خالد محمود انطلق في العاصمة الليبية طرابلس أول أمس مؤتمر موسع للحوار الوطني دعا إليه تحالف القوى الوطنية، الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، بمشاركة مختلف التيارات السياسية وقادة الثوار بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة، في محاولة لحلحلة الوضع السياسي في البلاد. وخصصت جلسة الحوار الوطني أمس لانتخاب هيئة إدارة الحوار حيث ترأس الجلسة الافتتاحية أكبر الأعضاء سنا، علما بأنه من المقرر أن تختار كل منطقة ليبية ممثليها للمشاركة في الحوار الوطني الذي أعلنت الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان تأييدها له. من جهته، شدد طارق متري رئيس بعثة الأمم المتحدة على دعم المنظمة الدولية للحوار. وقال في كلمة ألقاها لدى افتتاح المؤتمر، إن «الأمم المتحدة تؤيد هذا الحوار بقوة وتعمل على استقرار ليبيا». وشهدت الجلسة عدة اعتراضات على طريقة إدارتها، فيما أعلن بعض المشاركين انسحابهم خلال الجلسة التي بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة. وحذر مشاركون في المؤتمر من ظهور خلافات أو انقسام في وجهات النظر بين الأطراف المشاركة فيه، كما طالبوا مختلف الأطراف السياسية بوضع مصلحة البلاد العليا فوق مصالحهم الحزبية أو الشخصية. وبكى أحد الأعضاء من كبار السن على ما آلت إليه الأمور في البلاد بعد مرور أكثر من عامين على الإطاحة بنظام القذافي، والمخاوف التي تنتاب الرأي العام المحلي من تصاعد الفوضى الأمنية والسياسية في ليبيا. وسادت لبعض الوقت حالة من الهرج والمرج وتجمع عشرات الأعضاء في وسط القاعة، وبينما كانت المنصة التي تدير الحوار تطالب الجميع بالتزام الهدوء والحرص على إنجاح مؤتمر غير المسبوق. لكن هذه الاعتراضات لم تؤثر على سير أعمال المؤتمر، الذي تشارك فيه مختلف مكونات المجتمع الليبي بالإضافة إلى قادة الميلشيات المسلحة وعلماء الدين، والذي من المقرر أن يستمر وفق برنامج زمني يحدد فيما بعد. وقال تحالف القوى الوطنية، ذو النزعة الليبرالية برئاسة جبريل، رئيس أول حكومة للثوار خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011 ضد نظام حكم القذافي، إنه «سيسلم ملف الحوار إلى اللجنة المسؤولة عن إدارته ويعود ليأخذ مكانه كأحد المشاركين فيه». من جهة أخرى، صوت المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بأغلبية 131 صوتا على تشكيل لجنة برلمانية عاجلة من أعضائه للتحقيق في حادثة اختطاف رئيس الوزراء الانتقالي على زيدان أخيرا. وجاء التصويت بعدما استمع أعضاء المؤتمر إلى زملائهما المتهمين من قبل زيدان باختطافه تحت تهديد السلاح من مقر إقامته بأحد فنادق العاصمة طرابلس، حيث نفى كل من محمد الكيلاني ومصطفى التريكي عضوي المؤتمر هذا الاتهام، وأبديا موافقتهما على رفع الحصانة عنهما حتى يتبين للشعب الليبي حقيقة ما جرى. كما صوت المؤتمر الوطني على تشكيل لجنة برلمانية أخرى بأغلبية 86 صوتا للتحقيق في صرف مبلغ تسعمائة مليون دينار التي خصصت لرئاسة الأركان. وكان مقررا أن يبت المؤتمر في جلسة مسائية تعقد في وقت لاحق في ممارسة نورى أبو سهمين رئيس المؤتمر لصلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي إلا بعد الرجوع للمؤتمر، وفقا للإعلان الدستوري، بالإضافة إلى آلية فتح الحوار مع قادة الثوار بوضع خارطة طريق لمساهمتهم في بناء المؤسسات العسكرية والأمنية. إلى ذلك، لقي جندي ليبي حتفه جراء انفجار لغم في مدينة بنغازي وأصيب 16 في اشتباكات داخل سجن في حادث منفصل. وأخفقت الحكومة في السيطرة على ميليشيات وإسلاميين متشددين في البلاد عقب الإطاحة بنظام القذافي مع غياب حكم القانون عن مناطق شاسعة من البلاد. وقال مصدر أمني، إن «جنديا قتل وأصيب آخر حين انفجر لغم وضع في كيس قمامة قرب نقطة تفتيش للجيش في بنغازي في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس». وذكر مصدر أمني آخر أن مجموعة من السجناء تغلبوا على حارس في سجن الكويفية وهو الأكبر في بنغازي وسرقوا مفاتيحه ثم جالوا داخل مبنى السجن وأشعلوا حريقا. وقال المصدر، إن «15 أصيبوا في الاشتباكات مع الحراس الذين حاولوا السيطرة على الوضع وأصيب حارس أيضا». لكن محمد إبراهيم العريبي، آمر الجناح العسكري في غرفة عمليات الثوار ببنغازي، نفى لاحقا معلومات عن هروب عدد من السجناء من سجن الكويفيه، وأكد في تصريح بثته وكالة الأنباء المحلية أن ما حدث هو مجرد عملية تمرد محدودة قام بها عدد من السجناء داخل السجن جرى ضبطها والسيطرة عليها ولم تسجل أي حالة هروب لأي سجين. وشهدت بنغازي موجة من أعمال العنف في العام الماضي شملت عدة هجمات على قوات أمن وأهداف أجنبية. وقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة مواطنين أميركيين في هجوم على البعثة الأميركية في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، كما أغلقت معظم المرافئ وحقول النفط الليبية بسبب إضرابات واحتجاجات.