أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني أن الحفاظ على أمن دول المجلس مسؤولية أبنائه بالدرجة الأولى، وأن الدفاع حاضر بقوة في أذهان قادة ومسئولي دول المجلس، وأن الظروف التي شهدتها المنطقة في السنوات الثلاثين الأخيرة زادت من عزيمة وإصرار دول المجلس على تحقيق أهدافها ، معتبرا ما تحقق من انجازات قفزات مهمة في مسيرة التعاون الخليجي المشترك . وأوضح الأمين العام في حوار أجرته مجلة (آراء حول الخليج ) الصادرة عن مركز الخليج للأبحاث وتنشره يوم الاثنين الموافق 1/6/2015م ، بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين على قيام مجلس التعاون، أن ما تحقق من انجازات مهمة جاء بفضل جهود أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، وإيمانهم بدور هذه المنظومة المباركة في تجسيد التضامن والتعاون والتكامل في مختلف المجالات حتى أصبح هذا المجلس اليوم كيانا راسخا يتبوأ مكانة رفيعة في المجتمع الدولي . وقال معاليه إن انجازات الشعوب لا تقارن بالسنوات وإنما بما تحقق منها على أرض الواقع، معتبرا ما تحقق من انجازات يعد قفزات مهمة في مسيرة التعاون ، حيث أوضح أن الدول الأعضاء والأمانة العامة تعمل على مواصلة الجهد لتسريع خطى اقرار مشروعات العمل الخليجي المشترك من خلال الآليات والأجهزة المختصة. وأضاف أن الظروف والتحديات التي واجهت مسيرة مجلس التعاون، وبخاصة الظروف السياسية والاقتصادية والحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة خلال الثلاثين عاما الماضية أثرت على مسيرة المجلس ولكنها لم توقفها أو تعطلها، بل زادت من عزيمة دول المجلس واصرارها على المضي قدما لتحقيق أهداف المجلس السامية . وفي حديثة عن التكامل الاقتصادي والاستثماري الخليجي، أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني أن التكامل الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري بين دول المجلس ركيزة أساسية لتحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، مشيراً إلى الاتفاقية الاقتصادية التي تبنتها دول المجلس في عام 1981م ، وإلى التطورات التي تم تحقيقها والمتمثلة في إعفاء منتجات دول المجلس من الرسوم الجمركية ومعاملتها معاملة السلع الوطنية، وإقامة منطقة تجارة حرة فيما بينها عام 1983م، وإقامة اتحاد جمركي عام 2003م، وإقامة الاتحاد النقدي ، بالإضافة إلى إقرار العديد من القوانين والأنظمة والسياسات التي سهلت التجارة البينية وانسياب السلع، وتقريب العديد من الأنظمة والسياسات والاستراتيجيات في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية، مع ربط البنى الأساسية بدول المجلس لا سيما في مجالات المواصلات والكهرباء وتشجيع إقامة المشاريع والمؤسسات المشتركة. وأضاف إن إعلان انطلاق السوق الخليجية المشتركة جاء تتويجاً لسنوات من السعي نحو التكامل ، مشيراً إلى أن حجم التجارة البينية بين دول المجلس قفز من حوالي 6 مليارات دولار في عام 1984م ، إلى ما يزيد عن 140 ملياراً في عام 2014م ،موضحا أن الكثير من القطاعات الإنتاجية كالصناعة والسياحة والخدمات والمصارف أصبحت تسهم بنسب جيدة في الدخل القومي لدول المجلس . و أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني أن تفعيل المكاسب الخليجية مستمر و يلقى اهتماما ومتابعة مستمرة من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، موضحا أن المواطنة الخليجية بفوائدها العظيمة هي إحدى المشروعات الطموحة التي أراد المجلس من خلالها تحقيق العديد من المكاسب للمواطن الخليجي وتعزيز الترابط والتكامل بين دول المجلس، مشيرا إلى أن المشاورات لا تزال مستمرة بخصوص التحول من صيغة (التعاون ) إلى صيغة (الاتحاد) التي دعا اليها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد الله بن عبد العزيز طيب الله ثراه . وعلى الصعيد الإقليمي، أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن دول مجلس التعاون، وأن من يعتدي على اليمن وشرعية حكومته ، فهو يعرض أمن اليمن واستقراره والأمن الإقليمي للخطر، مشيرا إلى أن عاصفة الحزمجاءت استجابة لطلب فخامة الرئيس اليمني لحماية شعب اليمن ، وأن القرار رقم 2216 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، جاء بمبادرة من دول مجلس التعاون ، مؤكدا أن مؤتمر الرياض الذي اختتم أعماله في التاسع عشر من مايو 2015 م ، مثل خطوة مهمة على تأكيد الشرعية واستكمال العملية السياسية في اليمن ، و دليلا واضحا على الدعم والمساندة التي تقدمها دول مجلس التعاون للأشقاء في اليمن ، مشددا على أن دول المجلس ستواصل مطالبة مجلس الأمن الدولي بتنفيذ قراره حماية لليمن وشعبه ، وسعيا لإعادة الأمن والاستقرار الى اليمن . وحول الأوضاع في سوريا أوضح الأمين العام أن دول مجلس التعاون تعتبر أن حل الأزمة في سوريا يكمن بالتوصل إلى حل سياسي وفق جنيف 1 ، كما أنها تدين استمرار مشاركة قوات أجنبية على رأسها ميلشيات حزب الله مع قوات النظام السوري في قتل الشعب السوري وتدمير ممتلكاته . وحول العراق أوضح الدكتور عبد اللطيف الزياني أن دول المجلس تدعو دائما إلى مصالحة وطنية حقيقية من خلال معالجة تظلمات كافة مكونات المجتمع العراقي ، كما تدعو إلى تعاون إقليمي ودولي واسع النطاق لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. وعبر الأمين العام عن تطلع دول المجلس إلى إقامة علاقات جوار بناءة ومستدامة مع إيران ، وإلى مواقف ايجابية وخطوات سياسية جديدة من إيران تجاه دول المجلس. وقال إن دول المجلس تدعو دائما الجارة المسلمة إيران إلى بناء علاقات تعاون مثمر مع دول المجلس قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية وضرورة تسوية المشكلات القائمة، ومن بينها الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية ( طنب الكبرى ) و( طنب الصغرى ) و( أبو موسى ) . وحول البرنامج النووي الإيراني أشاد الأمين العام بالجهود الكبيرة التي بذلتها مجموعة دول 5+1 للتوصل إلى إطار مرحلي لبرنامج إيران النووي ، معربا عن أمل دول المجلس في أن يؤدي ذلك إلى اتفاق نهائي يضمن الأمن والسلم في المنطقة . وحول أمن منطقة الخليج ، أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس تؤمن أن أمن دول المجلس والدفاع عنها مسؤولية أبنائها بالدرجة الأولى، وأن تدعيم تعاونها وجميع عناصر العمل العسكري المشترك فيما بينها كفيل بحول الله بدرء أي مخاطر عنها، مؤكدا أن الجانب الدفاعي حاضر بقوة في أذهان مسؤولي دول المجلس ومخططيه ويحظى بأهمية بالغة من لدن قادة دول المجلس منذ قيام هذا الكيان المبارك. ووصف الأمين العام العلاقات الخليجية الأمريكية بأنها علاقات تاريخية قديمة ، وقال إن المصالح المشتركة بين الجانبين عديدة وتشمل مختلف المجالات ،وهناك حرص واهتمام مشترك بتطوير تلك العلاقات وتعزيزها ، موضحا أن نتائج القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في كامب ديفيد في 14 مايو 2015م تؤكد أن الولايات المتحدة باقية في المنطقة وتعزز من وجودها حماية لمصالحها وللحفاظ على الأمن والاستقرار فيها. وحول الشراكة الاستراتيجية مع كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن العمل قائم ومستمر لتعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية التي تم تأسيسها مع البلدين الشقيقين في مختلف المجالات.