×
محافظة المنطقة الشرقية

عبدالجليل الأربش... تخرج وعقد قرانه وأعلنها: أموت ولا أكون وحشاً

صورة الخبر

كثيرةٌ هي الذكريات، موجعةٌ أحياناً ومضحكةٌ أخرى.. وبينما أنت تستحثها لتعود إلى أذهان من خبروا راحلاً تشعرُ وكأن آلةً زمنية تأخذك إلى البعيد، منذُ بداية الانطلاق، وصولاً إلى الرحيل الذي تتوقف عندهُ السيرة والأحداث، وتبقى الأفكار وإرث الشخص الفني والأدبي والإنساني، أخلاقهُ، حبه للغير، تعاطيه مع الناس، احترامهُ للجميع، تشجيعهُ للسائرين على الدرب، منحُ ما يستطيع منحه، هكذا كان الراحل عبد العزيز زباري، الفنان التشكيلي، والمسرحي، والفوتوغرافي، وفنان المكياج، والموسيقي، والشاعر، الذي رحل قبل أيام، تاركاً ذاكرة تشهدُ لهُ بمدى حركيته وعطائه على مختلف الأصعدة الفنية التي مارس اشتغالهُ فيها خلال حياته. يعتبر الفنان عزيز زباري رائداً من رواد الحركة التشكيلية في مملكة البحرين، ذلك عبر مشاركته في تأسيس عدد من التجمعات المعنية بالفن بمختلف تنوعاته، وللاطلاع على تجربة زباري عن قرب، لابد أن نعود بالزمن إلى الوراء، إلى نهاية الأربعينيات، وما بعدها... العريض: كان عضواً نشيطاً ومتعدد الفنون ثمة ذاكرة هنا، فالفنان عبد الكريم العريض أحد أصدقاء الراحل، منذُ البدايات، حيثُ يسرد لنا العريض هذه الذاكرة، إذ يقول تجمعني بزباري صداقة قديمة، مذ تأسيس أسرة هواة الفن في مطلع خمسينيات القرن الماضي، كان الراحل يصغرني سناً، وقد انضم إلينا عندما قررنا تأسيس هذه الأسرة، بموافقة الحكومة، حيثُ ارسلنا رسالة إليها، وكان وقتها مستشار الحكومة بلغريف ويتابع العريض مبيناً مدى حماسة زباري الذي يصفهُ ب العضو النشيط جداً حيثُ كان رساماً شغوفاً لهذا الفن، لكن وبعد أن تحولت أسرة هواة الفن إلى (أسرة فناني البحرين لرعاية المسرح والموسيقى والفنون)، وضمت بين جناحيها عدداً من الفنانين، اتجه زباري إلى الفنون الآخرى، ومنها المسرح والتمثيل، فكان أحد الممثلين الرئيسيين في أول مسرحية نقيمها بعنوان الإنسانية المشردة، كما كان قبل ذلك فناناً مشاركاً في عدد من المعارض الفنية التي أقمناها، خاصة المعرض الأكبر الذي أُقيم في نادي العروبة عام 1959. يستمر عبد الكريم في سرد ذكريات البدايات، وصولاً إلى الحديث عن دور زباري على نطاق الفن التشكيلي، حيثُ يبين كان زباري لا يختلف عنا نحنُ جيل الرواد، إذ كنا نرسم من وحي البيئة المحلية، وكانت أعمالنا متقاربة، وكأنها نتاجُ فنانٍ واحد، بالرغم من أننا ننتجها بشكل مستقل، ولذلك لا يمكننا أن نقول أن أحداً منا آثر على الآخر. ثم يتابع العريض مبيناً أن الراحل توقف عن الفن في مطلع السبعينيات، واتجه إلى التجارة، ومجمل أعماله التشكيلية تعود إلى ما قبل السبعينيات، على الرغم من التحاقه بجمعية البحرين للفنون التشكيلية، ومشاركته في إحدى معارضها في مطلع الثمانينيات، وقد امتدت موهبة الرسم عند الراحل ليبدع في مختلف المجالات التي مارسها، ومنها المكياج، والمسرح. جمال: زباري الصديق الذي عرف ميعاد الرحيل من جانبه استعرض الفنان جمال عبد الرحيم صداقته بالراحل، والتي تعززت من خلال جمعية البحرين للفنون التشكيلية، لتمتد للتواصل فيما بيننا على مر السنوات التالية، بالرغم من الإنقطاعات ويضيف جمال زباري فنان من أوائل الفنانين الذين مارسوا اشتغالاتهم على مستوى البحرين، لهذا يجب الاعتناء بارثه الفني، ففي تاريخ الحركة التشكيلية البحرينية ظهر الكثير من العباقرة مثل حسين السني، ومحمد باقر، لهذا نتمنى أن تخصص لهم زاوية تجمع أعمالهم، وتخلد ذكراهم. ويروي لنا جمال حادثة وقعت بينهُ وبين الراحل قبل ثلاثة أيام من رحيله، حيثُ ارسل لهُ في طلب رؤيته، فذهب جمال لزيارته، وتبادلنا الحديث في الفن، كما شكى لي همومه، ثم وقبل أن أتركهُ أعطاني عدداً من المجالات الفنية، وطلب مني الاحتفاظ بها، وكأنهُ كان على معرفة بأن رحيلهُ قريب جداً. عباس: زباري الإنسان والفنان، صاحب الخلق الرفيع إلى ذلك أكد الفنان عباس يوسف بأن رحيل زباري يشكل خسارة كبيرة للوسط الفني، حيثُ كان أحد الرواد الأوائل الذين يعودون لفترة التأسيس، مضيفاً أن هذا الفنان الكبير كان استاذهُ في المرحلة الثانوية، وتشاء الأقدار أن أنضم إلى جمعية البحرين للفنون التشكيلية، فألتقي بأستاذي، فتتحول العلاقة إلى صداقة. وعلى صعيد الجانب الإنساني الذي كان يتميز به الراحل، يقول عباس كان إنساناً رفيع الأخلاق، متواضعاً، هادئً، ومحباً للجميع.. كما كان يمتاز بجانبه الإنساني الراقي في التعاطي مع الآخرين، وفي الوقوف إلى جانب الحق، أما على الصعيد الفني يقول عباس إن أبرز سمات الراحل أنهُ من جيل المؤسسين الأوائل، كما كان مهتماً بمجال التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة للجوانب الأخرى التي برع فيها، سواء في المسرح، أو المكياج، أو الإعلان، وقد قادهُ حبه للفنون لتأسيس العديد من المشاريع التجارية المرتبطة بذلك. فخرو: فنان وإنسان معطاء ترك أثرهُ في كل من عرفه من جهتها بينت الفنانة بلقيس فخرو بأن الراحل ظهر في مرحلة كانت البحرين بحاجة إليه بالفعل، فهو الأستاذ الذي خرج عددا من كبار الشخصيات والفنانين مضيفةً في تبيان الجانب الفني الذي امتاز به الفنان كان زباري محترفاً في الواقعية التصويرية، وكانت أعمالهُ تعكس الواقع المحلي البحريني، مثل مناظر الشواطئ، والبحار، والسفن، والبيوت التراثية، التي كان يجيدها باحترافية. وحول علاقتها بالراحل تقول فخرو كانت تربطني به علاقة صداقة، إذ كان يجالسنا في جمعية البحرين للفنون، ويحكي لنا عن تاريخه الطويل في مجالات الفنون التي مارس اشتغالهُ فيها. وتضيف حول زباري الفنان والإنسان كان فناناً يمتاز بالصدق والرهافة الفنية، إذ كان يمتلك مخيلة فنية عجيبة، فهو فنان بكل معنى الكلمة، وتجدهُ في أي شيء لهُ علاقة بالإبداع والخيال. كما كان صادقاً مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين، وكنا نلمح هذا الصدق في كلامه، حيثُ كان محط ثقة الجميع. وتختم فخرو إن رحيل زباري أحزن كل من عرفه، لانهُ استطاع أن يترك أثراً فينا جميعاً، ولهذا فإن رحيل هذا الشخص المعطاء، الذي قدم الكثير للوطن، يشكل خسارة على مستوى الساحة الفنية في مملكة البحرين. جمال: زباري فنان من أوائل الفنانين الذين مارسوا اشتغالاتهم على مستوى البحرين، لهذا يجب الاعتناء بارثه الفني... عباس: كان إنساناً رفيع الأخلاق، متواضعاً، هادئً، ومحباً للجميع.. كما كان يمتاز بجانبه الإنساني الراقي في التعاطي مع الآخرين.