اعتمد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قرارا بالإجماع مساء أمس يدين كافة الانتهاكات والاعتداءات المرتكبة ضد الصحافيين، واستنكر بشدة الإفلات من العقاب على مثل هذه الأعمال. وصوتت الدول الخمس عشرة العضوة في بمجلس الأمن بالإجماع على القرار وطالبت باتخاذ الخطوات المناسبة لضمان تقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين والإعلاميين إلى العدالة وضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في حالات النزاع المسلح. وأكد مجلس الأمن أن عمل وسائل إعلام حرة ومستقلة ونزيهة يشكل أحد أسس الجوهرية للمجتمع الديمقراطي وبالتالي تسهم في حماية المدنيين. وطالب أعضاء مجلس الأمن كافة الأطراف في أي نزاعات مسلحة بأن تلتزم بشكل كامل مع الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين في الصراعات المسلحة بما في ذلك الصحافيون وفق المنصوص عليه بموجب القانون الدولي. وشدد المجلس على مطالبته بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحافيين الذين تعرضوا للخطف أو تم احتجازهم رهائن في حالات النزاع المسلح وحث جميع أطراف النزاعات على احترام الاستقلال المهني وحقوق الصحافيين. فيما طالبت منظمة صحافيون بلا حدود باعتبار الهجمات على الصحافيين في مناطق النزاع هي جرائم حرب تستوجب الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويأتي هذا الإجراء بعد ارتفاع أعداد قتل وخطف الصحافيين حيث تقول منظمة مراسلون بلا حدود إن 66 صحافيا قتلوا العام الماضي و25 صحافيا قتلوا خلال الخمسة أشهر من العام الحالي وخلال العشر سنوات الماضية بلغ عدد الإعلاميين الذين قتلوا بسبب مهنتهم إلى 700 صحافي. واحتلت سوريا والعراق المرتبة الأولي في أكثر الأماكن خطورة لعمل الصحافيين حيث قتل 45 صحافيا في سوريا منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 وقتل 15 صحافيا على الأقل في العراق منذ عام 2013. وخلال جلسة مجلس الأمن استمع أعضاء المجلس إلى تقرير نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون الذي أشار إلى ارتفاع «مثير للقلق» في عدد الصحافيين الذين قتلوا منذ عام 2006 وزيادة استهداف الصحافيين وتهديدهم من قبل الجماعات الإجرامية والإرهابية. وقال الياسون: «بلغ عدد حالات قتل الصحافيين 593 حالة بين عامي 2006 و2013. ونصف تلك الحالات وقع في مناطق الصراع حيث جرى استهداف الصحافيين وتهديدهم بنية إسكاتهم وقد أثارت عمليات القتل الأخيرة للصحافيين الانتباه في جميع أنحاء العالم بما في ذلك جرائم القتل الوحشية التي ارتكبتها تنظيمات إرهابية في سوريا مثل داعش ضد ممثلي وسائل الإعلام الغربية». وأضاف: «علينا ألا ننسى أن نحو 95 في المائة من حوادث قتل الصحافيين في النزاعات المسلحة تجري ضد الصحافيين المحليين ولا تجد التغطية الإعلامية الواسعة». وربط الياسون بين البلدان التي تشهد صراعات مسلحة حيث ينهار حكم القانون، وتراجع حرية الصحافة في تلك البلدان. واقترح الياسون خطة عمل للأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومكافحة مسألة الإفلات من العقاب والتصدي لهذه التحديات تعتمد على خمس طرق يمكن لمجلس الأمن اتباعها تشمل خمس نقاط، من بينها الإدانة التي لا لبس فيها لقتل الصحافيين في حالات النزاع بما في ذلك الصحافيون المحليون، والاستمرار في عقد مناقشات منتظمة حول حماية الصحافيين، وتشجيع البعثات التي يفوضها مجلس الأمن للنظر والتحقق من سلامة الصحافيين والإعلاميين كجزء من حماية المدنيين. وتشمل الخطة اعتبار عمل البعثات المفوض لها ضمان حماية حرية التعبير وسلامة الصحافيين جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان وإصلاحات العدالة، بالإضافة إلى إعلان الدول العضوة تأييد ودعم خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين. واستمع أعضاء المجلس إلى إفادة كريستوف ديلور من منظمة «مراسلون بلا حدود» الذي دعا إلى إنشاء منصب ممثل خاص للأمين العام لحماية الصحافيين من أجل زيادة إبراز قضية حماية الصحافيين داخل منظومة الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن 90 في المائة من الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين تجري دون عقاب مرتكبيها. وطالب ديلور باعتبار الهجمات على الصحافيين في مناطق النزاع جرائم حرب مما يستوجب إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتحدثت ماريان بيرل، أرملة دانيال بيرل مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» الذي اختطف وقتل في باكستان عام 2002. حول تعرض الصحافيين للاختطاف والقتل بشكل متزايد، وأشارت إلى مقتل 25 صحافيا في جميع أنحاء العالم في غضون الخمسة أشهر الأولي من عام 2015. وحذرت من قيام عدد متزايد من الدول باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه الصحافيين. وتحدثت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور (التي عملت صحافية في السابق عن تعرض الصحافيين للمضايقة والترهيب حتى في الدول التي تنعم بالسلام واعتبرتها مؤشرا على التعدي على الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان. ووفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود تحتل سوريا والعراق أول موقعين في قائمة أخطر الدول لعمل الصحافيين تليهما أوكرانيا والصومال ثم الأراضي الفلسطينية المحتلة ثم البرازيل وأفغانستان وباكستان والمكسيك واليمن وليبيا والهند وتركيا وجنوب أفريقيا.