يجسد معرض (لون وحكاية) للفنانة السورية تغريد شقير المقام حالياً في النادي الثقافي العربي في الشارقة حكايات صغيرة عن الوطن، وعن أماكن ذات علاقة حميمة بحياتها السابقة ظلت عالقة في ذاكرتها، ثم ألحت عليها أن تدونها بأجوائها الحميمة وعبق أرواح الأحبة الذين سكنوها، وذلك قبل أن تتلاشى من الذاكرة كما بدأت تتلاشى تحت صواعق القنابل وراجمات الصورايخ، فباللون تسرد الحكاية، حكاية المنزل والساحة والسوق، وحكاية الأهل والجيران والمجتمع في لوحاتها المعروضة تناولت الأسواق القديمة، مثل (سوق النحاسي) الشهير في حلب مدينتها التي ترعرعت فيها، كما تظهر الشوارع والأزقة ودكاكين الحرفيين، والحارات القديمة التي تمتد جذورها إلى حضارة راسخة أنتجت تلك الجماليات العمرانية الباقية، ورغم ما يبدو من جماليات معمارية لتلك الأماكن العبقة، فإن ألوان الفنانة شقير تضفي عليها مسحة حزن أو أسى يستشف من طغيان الألوان البنية والرمادية، وفي ذلك إشارة إلى جو الحرب التي سرقت البهجة من تلك الأماكن، وأودعتها ألماً لا يبارحها. وتقول شقير عن أعمالها: إن دوري كفنانة سورية هو أن أوثق من خلال أعمالي تلك الأماكن بكل ما فيها، بعد أن تحولت إلى رماد، أوثقها بألواني وفرشاتي وأعطيها من إحساسي لتبقى حية في القلب مهما دمرتها الحروب ونسيتها السنين. رسم الوجوه وما فيها من ألق الحب، وصمت الحزن كان أيضاً حاصراً من خلال لوحتين لوجهين سوريين قريبين من قلب الفنانة كما تقول، ورغم انشغالها بسوريا فإنها لم تنس البيئة الإماراتية التي عاشت فيها وقدمت لها الكثير كما تقول، وكان انجذابها إلى التراث والعمارة الإماراتية القديمة والحرف التقليدية، لأنها رأت فيها تلك الروح الأصيلة للإنسان. تستفيد تغريد في أعمالها من دراستها للفنون التشكيلية، التي بدأتها في سوريا واستكملتها في الإمارات عن طريق دورات مكثفة لسنوات عدة في معهد الشارقة للفنون التشكيلية، وقد جاءت أعمالها بأساليب متنوعة في الرسم، فكانت بعض اللوحات تستقي تقنيات المدرسة الانطباعية وبعضها يتجه إلى التعبيرية، كما تناولت تقنية جديدة في الرسم تجمع بين اللون والمواد المختلفة لإنتاج عملٍ يعبر عن واقع أليم تمر به مختلف الدول العربية بأسلوبٍ تجريدي.