×
محافظة المنطقة الشرقية

نبحث مع البورميين تحقيق تطلعات الروهينجا

صورة الخبر

حسنا فعل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بعودته لمناقشة القضايا التي تستحق الحوار فعلا ، وحين اختار في لقائه الأخير بحث موضوع « التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي السعودي» فإنه قد لامس إحدى أهم الظواهر التي شاعت في مجتمعنا وتسببت في إشكالات عديدة بعد أن تم توظيفها بشكل سلبي فيه قدر كبير من الخطورة. والحقيقة أن مسألة التصنيفات في حد ذاتها ليست مشكلة لأنها موجودة في كل المجتمعات البشرية قديما وحديثا، ولا يخلو مجتمع في وقتنا الراهن منها لأنه من الطبيعي والفطري أن تختلف الأفكار والرؤى والتوجهات في أي مجتمع، ولا يمكن أبدا أن يكون نسيجا واحدا ولونا واحدا، لكن المجتمعات المتحضرة تؤمن بحيوية هذا الاختلاف وتحترمه ولا توظفه لإلغاء ومصادرة بعض مكونات المجتمع، أو تصل به إلى حد تهديد السلم الاجتماعي، أو تستخدمه سلاحا عشوائيا في أي خلاف حول قضية مطروحة للنقاش. المشكلة لدينا أن التصنيفات مجانية وغير منضبطة أو دقيقة، ويتم دلقها بشكل كثيف وصارخ ومبطن بالنزعة الاستعدائية، والأسوأ أنه يمكن الحكم على الشخص أحيانا من خلال التصنيف الذي تم تأطيره فيه ليعاني تبعاته ونتائجه على كل نشاطه الحياتي. وإذا أردنا أن نلامس الحقيقة فإن مجتمعنا لم يعرف التصنيف إلا بعد نشوء خطاب ديني اتسم بالغلو والتشدد (وللتذكير فإن مؤتمر الحوار الوطني الثاني قبل عشر سنوات كان عن خطاب الغلو والاعتدال)، هذا الخطاب الذي دشنته مرحلة الصحوة ونما وترعرع معها كانت استراتيجيته تقسيم المجتمع إلى فريقين، أحدهما حقيقي تمثله الكتلة الكبيرة التي انضمت إلى ذلك الخطاب وانغمست فيه وآمنت بصحة كل ما فيه ورأت أن أي نقد لبعض مكوناته خروجا عن جادة الدين وتعديا عليه، أما الفريق الثاني فهو في الحقيقة فريق افتراضي أو وهمي أو مصطنع كان لابد لأصحاب الخطاب المتشدد من إيجاده، فتم تكريس مصطلحات مستوردة لتكون تصنيفا لكل من لا يتفق مع التشدد البالغ في أدبيات ذلك الخطاب وإصراره على صياغة المجتمع وتسييره وفق رؤيته طوعا أو جبرا، ولم تسلم ساحة ثقافية أو فكرية أو حراك اجتماعي باتجاه التطوير من صراع تصنيفي كما حدث في فترة الثمانينات الميلادية. وبعد استهلاك تلك المرحلة بدأت مرحلة أخطر تمثلت في توظيف الاختلافات المذهبية لنبدأ في سماع أحكام التكفير لبعض الطوائف الوطنية، ولاحقا استمرأ البعض تكفير من يريد ببساطة متناهية وبشكل علني، فقط لأنه يرى ذلك. دعونا لا ندفن رؤوسنا في التراب، ودعونا نتحدث بوضوح. لقد كانت كوادر الخطاب الديني المتشدد تمارس التصنيف بشكل علني في المنابر والمحاضرات ومرافق التعليم والمناشط الاجتماعية ووسائل الإعلام حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وحتى بعد انتبهت الدولة لخطورة الوضع القائم وشددت على الكف عن هذه الممارسة الضارة مازال البعض يمارسها بشكل مباشر أو غير مباشر، ومع ذلك هل يمكننا بحوار أو بقرار أن نقطع دابرها ؟ بكل تأكيد لا، لأننا نحتاج أولا إلى تجفيف منابع التصنيف الكثيرة وإيقاف محركاته ووقوده بإجراءات عملية تصحيحية سيمر وقت طويل لنرى نتائجها إذا بدأت، ولكن كإجراء عاجل لابد من سن قوانين تحد من فوضى التصنيفات وتحاسب عليها لمنع المزيد من الشروخ في المجتمع وللحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه، خصوصا في هذه المرحلة الحرجة والحساسة. habutalib@hotmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة