مقولة أن المواطن رجل الأمن الأول شعار جميل ومطلب ضروري وحاجة حيوية، والمقصود بالأمن هنا معناه الشامل وتطبيقاته التي تتعلق بكل جوانب حياة المجتمع، فليس الأمن هو المهام التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التي تحمل هذا المسمى فقط، ولكنه أيضا الأمن الاجتماعي بكل أشكاله وحماية المجتمع من كل ما يخل به. لكننا رغم مناشدتنا للمواطن أن يكون كذلك، فإننا نضع بعض العراقيل التي تحد من حماسته للمبادرة أن يكون رجل أمن فعلا، فلو بلغ المواطن عن حادثة في الطريق كأبسط مثال فلا بد من سين وجيم لبعض الوقت، ولو بلغ عن سرقة أو جريمة فإنه سيمضي بعض الوقت في مقر جهاز الأمن ليجيب عن أسئلة تتعدى دوره كمبلغ، ولو أوصل معلومات عن فساد إداري أو مالي لأي جهة كهيئة مكافحة الفساد ــ مثلا ــ فإنه قد يتعرض لما هو أسوأ من المساءلة حين تقوم الهيئة بكشف اسمه للجهة التي بلغ عنها، وهي غالبا الإدارة التي يعمل بها فينتهي إلى مصير أسود. الأمثلة كثيرة، وما استجد منها التنظيم الجديد الذي تعتزم وزارة الإعلام تطبيقه فيما يختص بالتصوير والتوثيق لبعض الحوادث والممارسات السلبية التي أصبحت شائعة في المجتمع. فقد سمعت حوارا مع المدير العام لللإعلام المرئي والمسموع يفيد فيه بأنه سيتم تقييد أو حظر التصوير ونشره في مواقع التواصل، وفهمت منه أنه يجب على من أراد التصوير أن يرسل ما وثقه إلى الجهة المختصة، أما إذا نشره في موقع عام فإنه يقع تحت طائلة المساءلة والعقوبة. وهنا نحن نتفق مع هذا التوجه إذا كان التصوير فيه انتهاك لخصوصية الناس وكشف عوراتهم، أو كان لمواقع لها طابع الخصوصية أو السرية، أو كان فيه ما يخدش الحياء أو الذوق العام، أو كان منافيا للدين والأخلاق، لكنه حين يكشف جريمة أمنية أو أخلاقية فإنه عمل وطني بامتياز. ودعونا نتساءل: لو لم يتم تصوير حادثة التحرش المشينة في المنطقة الشرقية ونشرها فورا في مواقع التواصل الاجتماعي هل كان سيتم القبض على الفاعلين بهذه السرعة؟؟ قضايا كثيرة ساهم المواطنون بكشفها للجهات الأمنية عندما قاموا بتوثيقها ونشرها، ولذلك على وزارة الإعلام أن تعيد النظر في هذا التنظيم إذا كنا فعلا نريد المواطن أن يكون رجل الأمن الأول. habutalib@hotmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة