< بدا واضحاً أن سياسات الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، خصوصاً وقوفه الدموي إلى جانب نظام بشار الأسد، وهجومه المستمر على السعودية، أثارت تململاً في صفوف الشيعة والسنة في لبنان ممن اتخذوا مواقف مؤيدة لـ«حزب الله» في السابق. وبعدما اعترف نصرالله الشهر الماضي بأنه لا يستطيع إلزام حلفائه السياسيين في لبنان بالوقوف معه في الخندق نفسه، لوحظ امتناع أقطاب مؤثرين في فريق «8 آذار» عن حضور الاحتفال الكبير الذي أقامه «حزب الله» لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير»، وفي مقدمهم الوزير السني عبدالرحيم مراد، والوزيران السابقان طلال مجيد أرسلان ووئام وهاب. ونأت حركة «أمل» التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بنفسها عن إطلاق مواقف مناوئة للسياسة السعودية، خصوصاً عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في اليمن. (راجع ص15) وأثار تطرف نصرالله في موقفه بالقتال في صفوف قوات نظام الأسد، وتعمده مهاجمة السعودية وعملية «عاصفة الحزم»، دعوة أطلقها الوزير السابق مراد إلى حوار سني - سني لبناني، لتحديد المصالح المشتركة لسنة لبنان، والاتفاق عليها. وناشد مراد، الذي تولى حقيبة الدفاع سابقاً، مفتي لبنان تبني مبادرة اللقاء السني - السني، للتوافق على المصالح المشتركة لسنة لبنان، أسوة بالطوائف والفصائل اللبنانية الأخرى. وكان لافتاً خلال احتفال حزب الله بـ«عيد المقاومة والتحرير» غياب حليفي الحزب الذي يأتمر بأمرة إيران الوزيرين أرسلان ووهّاب. وهو ما اعتبره مراقبون دليلاً على شعور بالضيق من رهن نصرالله الإرادة اللبنانية للسياسة الإيرانية، التي تعتبر سورية بقيادة بشار ضلعاً مهماً في استراتيجية طهران للإطباق على المنطقة العربية. ويلاحظ أن حلفاء نصرالله الذين بدأوا يتململون من «عنترياته» تجاه السعودية، لم يعلنوا في السابق مواقف مناوئة لها، خصوصاً بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» في 26 آذار (مارس) الماضي بإجماع عربي وتأييد دولي، لمنع استمرار الانقلاب على الشرعية في اليمن. ويبدو أن نصرالله كان يعول على موقف مناوئ للسعودية من حركة «أمل» التي يتزعمها بري، الذي تربطه علاقات جيدة بالرياض ويثمن دورها في إرساء استقرار لبنان. وقال متابعون للناشطين والمدونين اللبنانيين على الإنترنت إنهم لم يعودوا قادرين على إخفاء استيائهم من توجهات زعيم «حزب الله» اللبناني، الذي نقل المقاومة اللبنانية بسياساته الراهنة من تيار وطني إلى مقاومة طائفية، إذ يعني استمرار التحالف معها الانجرار إلى خندق الانقسام الطائفي، وحماية نظام فرض نفوذه وسيطرته الأمنية على لبنان نحو ثلاثة عقود، وخرج اللبنانيون عن بكرة أبيهم في ثورة لن ينساها العالم لإخراجه من لبنان.