هل يمضي «حزب الله» فعلاً في تصعيد الاستعدادات الميدانية والإعلامية والسياسية تمهيداً لمعركة جرود عرسال بعد معركة القلمون ولو من جانب أحادي؟ ذاك هو السؤال الكبير بل الخطر الأكبر الذي يشغل لبنان منذ يوميْن والذي طغى على كل شيء، متواكباً مع الاستعدادات لإحياء ذكرى التحرير اليوم، والتي تصادف ايضاً ذكرى مرور سنة على بدء أزمة الفراغ الرئاسي التي تشغل الوجه الثاني من المشهد المفعم بالتشاؤم والغموض. لم يكن أدلّ على اتجاه لبنان نحو منقلب جديد خطر من احتلال التطورات اللبنانية فجأة الاولويات التي أفردت لها الصحافة العربية ولا سيما منها الخليجية والإعلام الفضائي العربي التحليلات والتغطية الواسعة أسوة بالصحافة والإعلام التلفزيوني في لبنان نفسه. ولكن كل ذلك دار ويدور حول فرضية ان الأيام القليلة المقبلة ستشهد تطورات من شأنها ان تبدأ بهزّ الاستقرار الهشّ الذي نجح لبنان في الحفاظ عليه منذ اندلاع الحرب السورية وان هذا الاستقرار يشارف مرحلة الخطر المحقق. والواقع انه قبل ساعات من إلقاء الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله كلمته في الاحتفال الذي أقيم عصر أمس في النبطية لمناسبة الذكرى 15 لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، كانت الشكوك تتنامى حول الواقع الحقيقي الذي يعيشه الحزب نفسه الذي أطلق إشارات متناقضة للمرة الاولى في شأن اتجاهاته الآتية بعد معركة القلمون. وذكرت اوساط سياسية واسعة الاطلاع، تتحرك بقوة بين المراجع الحكومية والنيابية في بيروت لـ «الراي» ان «ما نشهده حتى الآن هو تصعيد غير اعتيادي للضغوط من جانب (حزب الله) لدفع الحكومة الى التسليم بحتمية تغطية رسمية حكومية لخطة ميدانية جديدة يضطلع بها الجيش اللبناني لحسم الوضع في عرسال وجرودها، بما يوفر على الحزب ركوب المركب الخشن في فتح مواجهة هناك، ستفتح حتماً صفحة احتمالات شديدة الخطورة لانها ستتخذ فوراً بعداً مذهبياً». وبحسب هذه الاوساط، «لم تكن سلسلة المواقف المتعاقبة لمسؤولين وقادة في (حزب الله) في الساعات الاخيرة التي سبقت الموعد المحدد لخطاب نصرالله في النبطية، سوى انعكاس لخطة إعلامية وضعها الحزب من اجل إفهام الحلفاء والخصوم بأن معركة جرود عرسال آتية لا محالة، وان الأفضل للخصوم ان يعيدوا حساباتهم جذرياً هذه المرة تجنباً لتداعيات ترْك الامر لقرار الحزب الذي لم يعد محرجاً ابداً في التلويح بانه قد يخوض المعركة وحده اذا استلزم الامر». وتكشف الاوساط نفسها، انها من خلال التحرك الذي تقوم به بين المراجع اللبنانية «لا يبدو ان هناك بعد معطيات ثابتة ومؤكدة حيال خطط الحزب المقبلة، ولكن يبدو واضحاً ان اثراً كبيراً وثقيلاً بدأ يرخي تداعياته على قيادته، جرّاء الانهيارات الواسعة التي أصابت قوات النظام السوري اخيراً، سواء بانسحابها طوعاً من مناطق استراتيجية او تحت وطأة هجمات (داعش) والمعارضة». ولذا، ترجّح هذه الاوساط، ان يكون «الحزب نفسه بلغ المرحلة الأشد خطورة ومصيرية في مسار تورّطه في الحرب السورية، بما سيملي عليه الاندفاع قدماً نحو تحصين ما يمكن تحصينه لحماية ما حققه في معركة القلمون بقفل ثغرة عرسال». وتشير الى ان «بلوغ هذه المرحلة يضع الحزب وعبره لبنان بأسره في عين العاصفة فعلاً، خصوصاً بعدما أظهر الحزب ازدواجية تدلّ على اضطرابه غير المعتاد من خلال إصداره توضيحاً للكلام الذي نشرته الصحف المحسوبة مباشرة عليه (أول من أمس) في شأن تلويح نصرالله للمرة الاولى بإمكان إعلان التعبئة العامة». ولكن رغم ذلك، لا تزال الاوساط نفسها تستبعد المغالاة في الاستنتاجات التي تحدثت عن مناخ انقلابي يمهّد له الحزب في لبنان سواء بدفع ايراني او بخطوات «انتحارية». «فالحزب يدرك تماماً معنى استدراج الواقع اللبناني الى انفجار مذهبي واسع ولو انه بات الآن (في رأيها) محشوراً ومحرجاً جراء ظهور معالم الانهيار على النظام السوري، الذي نذر الحزب نفسه لإنقاذه وتوفير معالم صموده». واذ تشدد على ان «الكثير من الافرقاء اللبنانيين لن يسمحوا باستدراج الجيش الى معركة خارج الإطار الدفاعي المحدد الذي يتبعه، لا تستبعد إعادة البحث في واقع انتشار مخيمات النازحين السوريين في عرسال ومحيطها قريباً جداً، بما يفتح الباب على البحث في مخارج تُجنِّب لبنان السقوط في متاهات الخطر القاتل. وهو امر يجري تداوله منذ مدة بعيدة ولكن الوقائع الميدانية الاخيرة قد تملي الاتجاه الى حلول سريعة له بحيث يجري الفصل بين النازحين والمسلحين من دون توريط الجيش في معركة استباقية، ما يحصر الوضع الميداني في جرود عرسال من دون البلدة،علّه يمكن عقب ذلك اجراء مفاوضات برعاية أطراف إقليميين لتأمين ممرات آمنة لانسحاب المسلحين اسوة بالمفاوضات الجارية حالياً في ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين». ومع ذلك، لا تستهين الاوساط بالخطورة الصاعدة في المشهد الداخلي، وتقول ان «الاسبوع الحالي سيتّسم بدرجة عالية من الاهمية، نظراً الى السباق الكبير الذي بدأ يطبع التحركات والمواقف السياسية مع الوقائع الميدانية وتعقيداتها، الامر الذي يضع لبنان امام مرحلة مفصلية بعد مرور عام كامل على أزمته الرئاسية». وكان لافتاً، تولّي وزير الداخلية نهاد المشنوق الرد المباشر على كلام نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، عن تصميم الحزب وعزمه على مواجهة التكفيريين في الجرود «لتحرير الأرض»، مستشهداً بتجربة الرمادي في العراق ردّاً على مَن «يقول لنا اجلسوا جانباً والقوى المسلّحة الرسمية تقوم بالواجب». واعتبر المشنوق أنّ كلام قاسم يدعو إلى «تدمير عرسال وليس إلى تحريرها»، لافتاً الى أنّ «تحرير عرسال لا يتمّ من خلال هجوم مذهبي»، مؤكداً أنّ «هذه المهمّة هي من مسؤولية الدولة والجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية فهم الوحيدون المعنيون بتحرير عرسال أو أي شبر من أرض لبنان». «لن نقبل بالدويلة مهما رعَد البعض وهدّد وزمجر» ريفي: «حزب الله» سيُحاسَب على كل جريمة ارتكبها | بيروت - «الراي»: | ردّ وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي على التهديد الذي طاله والأمين العام لـ «تيار المستقبل» احمد الحريري على لسان رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد، فأكد ان «التهديد والوعيد لا يخيف احداً، ولن نتراجع خطوة واحدة عن التمسّك باستعادة سيادة الدولة وهيبتها، ولن نقبل بالدويلة مهما رعد البعض وهدّد وزمجر». وقال خلال حفل عشاء أقامته نقابة أطباء الأسنان في الشمال: «لا شك في أنكم سمعتم التهديدات الأخيرة التي أطلقها السيد محمد رعد، وفاته من أي مدرسة تخرّج أحمد الحريري وأشرف ريفي. فاته أننا مؤمنون بالله وأننا قدَريون ونعلم أنه متى يحين الأجل سنلقى وجه ربنا برحابة وسرور. أقول لمحمد رعد إنني وأحمد الحريري من مدرسة الشهيد رفيق الحريري والشهداء الكبار وسام الحسن ووسام عيد وبيار الجميل وباسل فليحان وجبران التويني ووليد عيدو ومحمد شطح وفرانسوا الحاج وجورج حاوي وسمير قصير وانطوان غانم وأحمد صهيوني وأسامة مرعب، وغيرهم من الشهداء الذين استشهدوا فداء لوطن كبير اسمه لبنان. ونعلم جيداً مسلسل الإجرام الذي ارتكبه حزبك يا سيد محمد رعد، سواء داخل لبنان أو في الساحات العربية والخارجية، وأنا على ثقة أنكم ستُحاسَبون على كل جريمة ارتكبتموها، وستحاسَبون أيضا على كل جريمة ترتكبونها».