×
محافظة المنطقة الشرقية

"شرطة الشرقية": لا صحة لما تردد حول دخول "مسلحين" إلى القطيف

صورة الخبر

من المسلمات الاقتصادية أن الحروب هي استنزاف حقيقي للموارد الاقتصادية للدول المشاركة فيها وينطبق ذلك في معظم الحروب، ولكن في حالة عاصفة الحزم فإن الوضع يختلف وهذا ما سنستعرضه خلال هذا المقال. فمع الإعلان عن انتهاء عاصفة الحزم التي قامت بها المملكة مع قوات التحالف العربية والإسلامية، نجد أن السوق المالية السعودية استوعبت الأحداث الجيوسياسية الراهنة، وعادت الأمور إلى الاستقرار على المدى القصير، وكانت عاصفة الحزم أفضل القرارات التي منحت السوق استقرارا على المدى الطويل، بعد أن أنهك الترقب قبل الحرب الأسواق والمستثمرين على حد سواء. وبالتوازي مع قيام الحملة العسكرية، فإن تحديد موعد دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق خلال منتصف يونيو المقبل دليل على ثقة صانع السوق بالأوضاع الراهنة، ولم يتم التأجيل وجرى الالتزام بالموعد المحدد لفتح السوق للأجانب، ما يعد أمرا إيجابيا ومحفزا للمستثمرين في السوق، إذ إن السوق استوعبت أيضا نتائج الشركات ونتائج الأرباح الفصلية، وأصبحت هناك قراءة شبه واضحة للنتائج السنوية. هذا وتعيش السوق السعودية في الوقت الراهن حالة من الاستقرار، بعد أن استوعبت آثار التقلبات الجيوسياسية والحرب العسكرية الدائرة عبر عاصفة الحزم، إذ إن قيام هذه الحرب بعث اطمئنانا أكبر لدى المستثمرين والمتعاملين في الأسواق الخليجية والأوساط الاقتصادية ككل. فقيام عاصفة الحزم وتحقيق انتصارات متوالية قللا من المخاوف، وهذا أفضل بكثير من الظروف السياسية الضاغطة بانتظار قيام حرب، وبدد قيام الحرب المخاوف السياسية التي كانت لدى الاقتصاديين بفعل فترة الانتظار الطويلة لمرحلة ما قبل قيام الحملة العسكرية، أما بعد قيامها فبدأت تظهر نتائجها، وأعتقد أن هذا قلل من المخاطر والانعكاسات على الاقتصاد وسوق المال. ومن المتوقع ألا يكون هناك إقبال كبير من المستثمرين الأجانب في بادئ الأمر لأمور تتعلق بالسوق نفسها، إذ يتوقع أن تحقق أرباحا لهذا العام بقرابة 100 بليون ريال في حال ثبات كل المتغيرات، فيما تبلغ القيمة السوقية للأسهم المتداولة 2.2 تريليون ريال، إذ إن المستويات عند 22 مضاعفا تعدّ مبالغة وفقا لأسعار أسهم السوق، ما سيصعب من عملية دخول الأجانب، خصوصا مع هبوط أسعار النفط، إضافة إلى النشاط الكبير الذي تقوم به المملكة لدفع عمليات كفاءة الطاقة، ما سيقلل من الأرباح. هذا من ناحية السوق المالية، أما بالنسبة للحياة الاقتصادية السعودية نجد أنه مع ما تم الإعلان عن انطلاق عملية إعادة الأمل، إذ أكدت القيادة العسكرية لقوة التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية أن تخريب المنشآت والمرافق الحيوية في اليمن جاء بعد سقوط الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وأن قوات التحالف لم تلحق الأذى بأي من هذه المنشآت، ومع ذلك فإن مساعدة الدول العربية لليمن من الأمور التي يجب أن تسعى إليها الدول خلال الفترة القادمة. قدر الخبراء الاقتصاديون أن عملية إعادة إعمار اليمن تحتاج إلى عشرة مليارات دولار على أقل تقدير، إذ إن المساعدات الاقتصادية من الدول العربية لليمن ستتمثل في جزأين: الأول مادي وسيقدم من خلال دول الخليج وعلى رأسها المملكة، وسيتم تخصيص بعض الأموال لإعادة بناء البنية التحتية لليمن من جديد، وإنشاء بعض المشاريع الاستثمارية التي يمكنها أن تسهم في تعافي الاقتصاد اليمني. أما الجزء الثاني لإعادة الإعمار يتمثل في تقديم مساعدات نفطية، خاصة بعد سيطرة الحوثيين على معظم المناطق النفطية في اليمن، إضافة إلى تقديم مساعدات إنسانية من خلال بناء مستشفيات ومدارس بعد تدمير كثير من المدارس والمستشفيات خلال فترة الزحف الحوثي للاستيلاء على اليمن. ما يمثل فرصة سانحة لشركات المقاولات السعودية وما أكثرها في المملكة لدخول هذه العملية التي يمكن أن تجني منها الشركات كثيرا من العائدات الكبيرة التي تساعدها على التغلب على الركود الاقتصادي الناتج من انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي. وبالنسبة للمخاوف من تأثر الاقتصاد السعودي جرّاء عمليات عاصفة الحزم كان أمرا مبالغا فيه، مستشهدا بحرب الخليج الأولى العراقية الإيرانية، إذ كانت كل دول المنطقة في حال استنزاف، وتم دعم هذه الحرب وتأثرت المملكة بشدة بسبب حرب الناقلات، وكانت الأمور غير واضحة نهائيا وأسعار النفط تدنت إلى مستويات 13 دولارا، وتم التعايش مع الوضع الذي امتد لأعوام حتى اندلعت حرب العراق على الكويت، وتكبدت المملكة مصاريف 500 ألف جندي. وختاما، يجب أن نؤكد أن الوضع الحالي لا يقارن بأي حال من الأحوال بالوضع السابق خلال حروب الخليج السابقة، والذي تم الخروج منه بكل قوة، فالوضع الآن ذو تأثيرات محدودة، وكل التبعات الاقتصادية المتوقعة بإغلاق باب المندب أو التعرض لمصالح اقتصادية أمر بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، وبعد القضاء تماما على شرذمة الحوثيين إن شاء الله، سيعاد الأمل إلى الجميع وتستقر الأوضاع وتُؤمّن الحدود لجميع الدول وينتج عن ذلك الاستقرار والأمن، ويتبعه الاستقرار والانتعاش الاقتصادي الذي سيعم على الجميع بإذن الله.