×
محافظة المنطقة الشرقية

الخريجون لـ عكاظ: حانت العودة لرد الجميل للوطن

صورة الخبر

كأنها النداهة تناديني من بعيد، أستطيع أن أسمع صوتها، فأجدني لاهثة عبر دروبها. هناك فقط يهمس الريح لسعف النخيل راسماً لوحاته النادرة بين أحضان جبالها وكثبانها الرملية، وجوه هادئة وقلوب بكر لم تعرف للتلوث طريقاً. تشدني رائحتها وتأسرني أطرافها وآفاقها التي لا تنتهي. هي تلك العروس التي يضوع أريجها على الساحل الشرقي لدولة الإمارات لتلق بعطرها على خليج عمان. الابنة المدللة للطبيعة فهي الخور مابين جبلين يحتضنانها ويحميانها من غدر العواصف والرياح. هي من لقبها الرحالة الشهير ابن بطوطة بتلك التسمية عندما رحل إليها فقال: لتكن خورفكان. وعلى درب رحالتنا الشهير مشيت، وبين دروبها وجبالها رحلت إليها لأنقل تفاصيل جولة طويلة عبر كورنيش بحرها الممتد لألتقي مع بشر وحجر مدينة خورفكان. المسافة من مدينة الشارقة إلى خورفكان 150 كيلومتراً قطعتها السيارة كانت كفيلة بأن تجعلني أعيش بل وأغوص بين تلك الطبيعة الفريدة من نوعها والتي وهبها سبحانه وتعالى لتلك البقعة المميزة على الأرض. نشق الطريق عبر تلك الرمال الصفر بحنينها وتوحشها وتمردها وجنونها وعطفها وكل تناقضاتها التي تأسر البشر أمامها، نعبر الدروب من الإمارة الباسمة فنتأمل تلك الصلبة الشامخة التي استطاع الإنسان أن يروضها بل ويحول من رمالها الملساء ذهباً يلمع أمام الأعين، أشرد بذهني بعيداً عندما أفتح زجاج نافذتي لتدخل رائحة الماضي صدري من دون أي استئذان، لا أتذكر سواها عندما تقع عيني على ذلك الجبل العتيد الصلد الذي يعلن بداية وصولنا إلى خورفكان والذي حفرت الأيدي عليه قلباً كبيراً وقد كتب فيه باللون الأبيض البارز زايد، إذاً هو الأب الروحي والقائد والمعلم بل وأيضاً الفيلسوف، لا أملك أمام ذاك القلب الكبير إلا أن أتذكر كلمات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي عبر فيها عن فلسفته قائلاً: على شعبنا ألا ينسى ماضيه وأسلافه، كيف عاشوا وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم وكلما أحس الناس بماضيهم أكثر، وعرفوا تراثهم، أصبحوا أكثر اهتماماً ببلادهم وأكثر استعداداً للدفاع عنها. فقط عباراته التي تدفعك دفعاً لتأملها، لتفهم فلسفة هذا الشعب والحكمة التي جعلته يدرك مدى أهمية تاريخه، ويتفنن في التمسك بأعرافه وتقاليده، ويفخر بتراثه وماضيه الذي يعتبره الأساس فيما وصل إليه من تقدم وتطور الآن. جبالها الصلدة كانت كفيلة بأن تجعلني أفيق من حالتي لا محالة تسمع صوتها يناديك من بعيد مهللاً بالترحاب، وبكل الحنان الذي تخفيه بين صخورها تحتضنك لتشد حواسك جميعها لتجد روحك هائمة فلا تملك سوى أن تهرول مسيراً لا مخيراً لترتمي بنفسك بين أحضان ذاك الكورنيش الممتد الحاضن للمدينة بأكملها. المشهد يفوق أي وصف، جمال وعبقرية مياه البحر التركوازية التي تسير في تناغم موسيقي حالم، ذاك المشهد يسقط وصفه أمام كل أقلام ووريقات العالم، مشهد لا يمكن من خلاله سوى أن تشم رائحة بكارة تلك المدينة، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أرتمي على مقعد خشبي من تلك المتناثرة بكثرة على كورنيش المدينة، ووجدتني أتمتم بما قاله أحد الشعراء يا حادي الركب طول السير أضناني قف بي تمهل فهذي خورفكان، مدينة السحر قد طاف الجمال بها وماؤها العذب يروي كل ظمآن. كان يجلس بجانبي وقد شرد بذهنه بعيداً وكأنه يجتر ذكريات أو يرى مشاهد أمام مخيلته راشد خلفان عبدالله النقبي وشهرته أبو عادل اقتربت منه لأقطع حديثه مع نفسه فإذا به يرحب بنا لدرجة أنه لم يتركنا وزميلي المصور إلا ونحن في منزله الخاص والذي قام بتحويله إلى متحف للتراث الإماراتي والعربي القديم وضم به الكثير من الصور القديمة. راح أبو عادل يتحدث بحب شديد عن مدينته خورفكان قائلاً: تشكل تلك المدينة أجمل ميناء طبيعي على الساحل الشرقي المطل على مياه المحيط الهندي والذي يسمى خليج عمان، تجمع عروس الساحل الشرقي بين جمال البحر وروعة الجبل وكرم الخضرة، وتمتاز شواطئها بمياهها الملونة مابين الزرقة والإخضرار، أما عن رمالها الناعمة البيضاء حدث ولا حرج خاصة وهي تلك التي تحيط بها غابات مترامية الأطراف من أشجار الغاف ،شجر الصحراء ،والسدر والرمث والمرخ، ومزارع البرتقال والمانجو والموز والحمضيات ومازال الكلام على لسان راشد كورنيش خورفكان جنة الله على الأرض بالنسبة لنا فهو المتنفس الحقيقي لنا وللوافدين إلينا، والحقيقة أننا كل يوم نشهد اهتماماً وتطويراً غاية في الروعة فالكورنيش لم يكن في تلك الحالة منذ خمس سنوات، الآن أصبح لدينا العديد من المقاهي والمطاعم والخدمات العديدة التي تتوفر لمرتاديه، ولاتنسى أن وجود ميناء خورفكان يسهل ويروج لحركة السياحة والسياح اللذين يفضلون التريض على الكورنيش من وقت إلى آخر. تركت راشد خلفان واتجهت مرة أخرى لاستكمال جولتي على ضفاف بحر وكورنيش خورفكان، جلستي مع الرجل جعلتني أتحدث مع نفسي حول تاريخ تلك المدينة التي سرعان ما تجد أصالة وطيبة ملامحها على وجوه أهلها الذين اعتمدوا في معيشتهم على هبة الله التي منحها لهم في الطبيعة لتجعل معظم نشاطهم في الصيد والزراعة، خاصة بعدما اشتهروا بالغوص بحثاً عن اللؤلؤ الذي كان مصدراً لرزقهم منذ زمن بعيد. عائشة النقبي كانت تتجول بين تلك الخضرة الكثيفة المنتشرة على كورنيش خورفكان وإذا بها تبدأ حديثها قائلة: مدينتنا تتميز بسحر كورنيشها الممتد والذي يتمتع بوجود الأشجار الخضر التي تغطي جميع أجزائه، وأكثر مايعجبني هو انتشار أماكن للجلوس بكثرة كما أنه يعتبر متنفساً لأطفالنا نظراً لوجود الكثير من الألعاب لهم، والرياضات المائية، ونأتي بشكل أسبوعي وفي عطلاتنا الرسمية ونتجمع مع عائلاتنا وأصدقائنا ونقوم بقضاء وقت ممتع، إضافة إلى أننا نمارس هوايتنا في الشواء بين أحضان تلك الطبيعة الخلابة. محمد سلمان تحدث قائلاً: إن كورنيش خورفكان يتميز بوجود مركز شرطة مخصص لمراقبة الكورنيش، يحفظ الأمن وخصوصية العائلات والكلام على لسان سلمان- تعودنا أنا وعائلتي وعدد من الأقارب أن نجتمع سنوياً في المنطقة الشرقية خصوصاً على كورنيش خورفكان الذي يجمع الطبيعة بالمدنية، فهو يتميز عن غيره في المنطقة، بأنه يضم الرمال البيض ومياه البحر الصافية، بالإضافة إلى توفر الخدمات، ووجود الأشجار المزروعة التي نستغلها في الظل والشواء أيضاً، والحقيقة إننا نقضي أفضل أوقاتنا على الكورنيش. محمد القواضي: ناد لليخوت وفنادق في خطة التطوير محمد عبدالرحمن القواضي، نائب رئيس بلدية خورفكان، تحدث عن أن المدينة هي الابنة المدللة للطبيعة التي لا توجد في أي مكان في العالم. وقال: الحديث عن التطويرات التي مرت بها لا ينتهي، لكن يكفي أن العمران أصبح متاحاً في كل الأنحاء، خاصة بعد وجود الكورنيش الذي يعد أهم متنفس لنا. وأعتقد أن السياحة ستزيد مع كل التطويرات المقبلة وننتظرها بفارغ الصبر، ووجود الميناء الذي لدينا الذي يعتبر الثالث على مستوى الإمارات يسهم بشكل كبير في التنمية. وستتضمن خطة التطوير التى تتولاها هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير شروق الكثير من المراكز التجارية والفنادق وناد لليخوت. عبدالله النقبي: أحلم بمدينة عالمية عبدالله محمد سالم الصم النقبي، رئيس المجلس البلدي لمدينة خورفكان، التقيته في مكتبه بالبلدية، وللحق فإن ملامح وجهه الطيبة - مثله مثل كل أبناء المدينة - كانت كفيلة بأن تجعلني أشعر بأنني جالسة في منزلي بين أهلي، وليس في مكتب رسمي. عبدالله النقبي ابن خورفكان بدأ حديثه قائلاً: تلك المدينة تمثل لي كل شيء في حياتي، ووهبها، سبحانه وتعالى، طبيعة خاصة متناغمة بين البحر والجبل والشاطئ الجميل، كلها مقوّمات تؤهلها للتربّع على عرش السياحة في الإمارات، ونجحنا بالفعل في أن تكون خورفكان مقصداً للسياحة الداخلية والخارجية، وهذا الفضل يعود بالفعل إلى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بدعمه اللامحدود لنا. وأضاف: سموّه أظهر الأهمية التاريخية لخورفكان بوصفها منطقة لها تاريخ، وواجهت غزاةً كثراً. وأخيراً، وُضع نُصب كرمز يجسد الصلابة والمقاومة التي تمتع بها أهالي المدينة، إضافة إلى أن هناك تخطيطاً لمشاريع سياحية هائلة ومنتجعات ستنقل المدينة نقلة أخرى تماماً، خلال السنوات القليلة المقبلة، ووجود ميناء خورفكان يثري كثيراً السياحة، فلدينا سفينتان تحملان زهاء 4000 سائح يهبطون أرض خورفكان أسبوعياً، وأحلم بأن نصل بمدينتنا إلى العالمية، وهي تستحق ذلك، خاصة أن لديها الكثير من المقومات الطبيعية التي تضعها في المقدمة. تطور سريع فوزية راشد القاضي مديرة بلدية مدينة خورفكان تحدثت عن أن المدينة بالفعل قد مرت بكم هائل من التطوير فالحال لم يكن كذلك منذ 10 سنوات وهذا يظهر واضحاً في كثرة الشوارع والميادين، ويبدو ذلك واضحاً تماماً في الخدمات التي أدخلت حديثاً على كورنيش المدينة والذي يعتبر الرئة والمتنفس الحقيقي لها والكلام على لسان فوزية- زادت المسطحات الخضراء وأصبح لدينا سياحة الألعاب المائية وقوارب النزهة واللعاب الترفيهية للأطفال، إضافة إلى وجود الميناء الذي يسهم في رواج حركة السياحة في المدينة حيث ترسو العديد من السفن التي تحمل الآف مؤلفة من السياح والأجانب الذين يستمتعون بالخدمات الترفيهية على الكورنيش ويدخلون المحال التجارية لشراء الهدايا التراثية التي تعبر عن بلادنا، والحديث عن أحلامنا في التطوير لا تنتهي ولدينا مشروع تشرف عليه مؤسسة شروق وأعتقد أنه سينقل خورفكان نقلة نوعية لتصبح من أهم المدن في الإمارات عل خريطة السياحة، وبالطبع كل هذا التطور يرجع إلى اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بمدينة خورفكان التي تحمل تاريخاً مشرفاً في مواجهة أنواع عتيدة من الاستعمار.