دعا فضيلة الشيخ شقر الشهواني إلى مراجعة سريعة صادقة للقلوب قبل فوات الأوان، والعمل على علاجها حتى تعود صحيحة تتأثر وتتحرك كما ينبغي. وأشار فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع العزّ بن عبدالسلام بمدينة الخور إلى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشتاق لسماع صوت سيدنا بلال رضي الله عنه وهو يصدع بالأذان كما كان يفعل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تركه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، أي أنه مضى عليه أكثر من سنتين وهي مدة خلافة الصدّيق رضي الله عنه. وقال إن بلال قد ترك الأذان واتجه للجهاد في الشام، حتى جاءت خلافة الفاروق فاشتاق عمر رضي الله عنه، كما اشتاق الناس لسماع صوته، ولما كان الفاروق في الشام فقد طلب منه الأذان لصلاة واحدة، وما إن صعد وبدأ الله أكبر الله أكبر فلم يتمالك نفسه وبكى وأبكى من حوله. مراجعة سريعة وأضاف خطيب جامع العزّ بن عبدالسلام: لله درها من قلوب تتأثر وتتحرك حتى أبكاها الأذان، متسائلاً.. أي مشاعر هذه التي فاضت لا أقول مع القرآن ولا هي في رمضان، بل بمجرد سماع الأذان. وشدّد على أننا بحاجة لمراجعة سريعة صادقة للقلوب قبل فوات الأوان قائلاً: لابد من علاج القلب حتى يعود صحيحًا يتأثر ويتحرك، كما ينبغي، لابد من تحرير هذا الملك حتى يكون قادرًا على الأمر، فما إن تأتيه الموعظة إلا ويأمر القلب العين أن تدمع والجلد أن يقشعر ويتحرك، كيف نكون مثلهم عند الجهاد مجاهدين وعند العمل عاملين، وعند ذكر الله جل وعلا عباد لله خاشعين مخبتين، كيف نكون كذلك؟ وتحدث الشيخ شقر الشهواني عن العلاج، فقال: إن أول أثر للذنب على القلب هو قسوته، فالذنب يجعل العبد يسيء الظنّ بالله وبنفسه وبالناس من حوله، وربما يتمادى في ذلك، الذنب يجعلك تملّ من الذكر وتتباطأ عن الخير، موضحًا أن الذنب يجعل صاحبه يشعر بالضياع ويمحق البركة من الوقت والعمل والعلم، كما أنه يُزيل النعم ويُرى سواده على الوجه، أما الطاعة فيا الله ما أجملها من طاعة. البطانة الصالحة وقال إنه يكفي الإنسان أن يعلم أن السيئة تتبعها الحسنة تمحها، وأن الطاعة تبارك في الوقت، ويرى فيها فضل الله عليه ويحسن الظنّ بالله وبالناس. ونوه إلى أنه لما كان القلب يحتاج إلى بطانة صالحة، فأول ما يؤمر بصلاحه هو العين، أن يحرمها من كل حرام، ويلجمها بأشدّ لجام عن النظر للعورات، مذكرًا بقول الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: الذنوب حوّازة القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع. وقال إن الأٌذن لابد من تطهير طريق القرآن إليها حتى يصل إلى القلب صافيًا من غير كدر ولا حواجز أو عوائق. ونبّه إلى أن الغيبة والنميمة تعيقان الطريق، وهما حواجز منيعة، كما أن الغناء يزاحم على الطريق، داعيًا إلى ضرورة أن يكون طريق القرآن طريقًا ممهدًا. وحثّ على التحلي بالتقوى في المأكل والمشرب، محذرًا من أن الجسد إذا نبت من السحت و الحرام فإنه صعب عليه التفاعل مع القرآن، لأن الخبث لا يتوافق مع الطيب، فالله الله في الطعام واللباس، وقال: نحن على أعتاب رمضان، فإياكم أن تدخلوا وأنتم على هذا الحال. الخطبة الثانية وفي الخطبة الثانية، أكّد أن عموم المسلمين يتمنون تغيرًا يكون في قلوبهم حيال القرآن وفي الصلاة، ولا يوجد مؤمن إلا وهو يرجو الخشوع والخضوع، ويرجو أن يتأثر بما يسمع. ودعا إلى تذكر الموت واستشعار قربه، إذ هو حقيقة لا بد منها، قال الله ربنا (كل نفس ذائقة الموت)، ولذلك وقف النبي صلى الله عليه وسلم على القبر، وقال لمثل هذا، أما عثمان فكان إذا ذكر الموت بكى، نعم عبدالله سل نفسك على أي حال تريد الموت، كان أحدهم يقول: اللهم إني أسألك الميتة الصالحة، فقال له أبناؤه وما هي؟ قال: أن أموت وأنا ساجد، فوافته المنية وهو ساجد في صلاة المغرب. وذكر أن حال الإنسان لا يستقيم إلا بما يعرف ما المراد منه وما هي الأوامر التي له، وما هو المنهي عنه، وما الذي ينتظره من جزاء وعقاب، وهذا لا يكون إلا بمراجعة كتاب الله قراءةً واستماعًا والنظر في المواعظ وتدبر الآيات. وفي ختام خطبته شدّد على أنه لابُد أن يُعلم أن القلب ملك والأعضاء بطانته، فصلاحه من صلاحها وفساده من فسادها.