لاشك في أن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية آفة تهدد أي مجتمع، وليس هناك ما هو أشد خطراً منها على تقدم الدول وازدهارها، فوضع المشرع الإماراتي أشد العقوبات بحق كل شخص يتورط بها، غير أن المشرع استهدف في الوقت ذاته، تشجيع العلاج من إدمان تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، وقد أفرد لها القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بالدولة نصاً مستقلاً في هذا الشأن، الأمر الذي لا تملك معه النيابة العامة إقامة الدعوى الجزائية على من يثبت إدمانه تعاطي تلك المواد في حال توافر الشروط الواردة بالنص، وذلك لتحفيز وتشجيع المتعاطي، بهذا الإعفاء من المسؤولية الجنائية، على التخلص من داء التعاطي. حيث نصت المادة (43) من القانون على عدم إقامة الدعوى الجزائية على من يتقدم من متعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية من تلقاء أنفسهم إلى وحدة علاج الإدمان المشار إليها وفقاً للقانون أو إلى النيابة العامة طلباً للعلاج، إلا أن المشرع اشترط بقاء المتعاطي في الوحدة العلاجية للمدة التي تقررها لجنة علاج الإدمان وذلك يختلف من حالة إلى أخرى، غير أنه لا يجوز أن تزيد مدة العلاج والتأهيل على ثلاث سنوات. ولا يستفيد من حكم المادة من كان محرزاً لمخدر ولم يسلمه إلى الوحدة أو النيابة العامة عند تقدمه بطلب العلاج، إذ يتبين من نص المادة أن الدعوى الجزائية لا تقام على متعاطي المواد المخدرة الذي يتقدم من تلقاء نفسه إلى الجهات المبينة بالنص. ولم يرد المشرع شمول مفهوم النص لأكثر من ذلك، ومن ثم فلا يشمل الإعفاء حالة إبلاغ ذوي المتهم الشرطة بواقعة التعاطي، أي أنه في هذه الحالة يكون محلاً للعقاب، وهوما قررته محكمة التمييز وفقاً لمفهوم نص المشرع بأن عدم تقدم المتعاطي من تلقاء نفسه، وإنما أبلغ والده عنه، فإنه لا يستفيد من هذا الإعفاء. ومن الحالات التي لا يسري فيها الإعفاء الوارد بالنص، الشخص الذي تسوء حالته الصحية نتيجة إدمانه وتعاطيه هذه المواد ويسارع ذووه أو أصدقاؤه بنقله إلى وحدة العلاج إنقاذاً لحياته. ومن هنا، ندعو المشرع الإماراتي إلى التدخل تشريعياً وفتح المجال لأحد الزوجين أو أصول وفروع المتعاطي لطلب علاج المدمن لدى الجهات المختصة لعلاجه وإعادة تأهيله حتى يرجع سوياً وعضواً صالحاً في المجتمع ومعافى بين أهله وأقرانه.