×
محافظة المنطقة الشرقية

السفير السعودي: تفجير "القديح" تصعيد خطير يحاول المس بالنسيج الوطني السعودي

صورة الخبر

على الرغم من النجاح الباهر لمؤتمر كامب ديفد بمشاركة أميركية خليجية وما تمخض عنه من اتفاقيات ذات علاقة بما يشهده الخليج واليمن وسورية والعراق وما يثيره التهديد النووي الإيراني من قلق على مستقبل المنطقة واستقرارها فإن تداعيات الأحداث ومتغيرات المصالح وتأرجح المواقف وعدم الاستقرار الذي يشهده العراق وسورية واليمن والسودان ومصر وليبيا والصومال كلها تشير إلى أن هناك قوى وأيادي خفية تتلاعب بمصير المنطقة ككل وليس فقط جزء منه. اليوم الملك سلمان – حفظه الله - يضع الحصان أمام العربة وخير دليل على ذلك الاهتمام بالصناعات العسكرية من ناحية واتخاذ الحزم شعاراً وممارسة للحراك الداخلي والخارجي ودعم ذلك ببناء تحالفات إقليمية تخفف من الاعتماد على التحالفات الدولية التي تتغير بمجرد أن تلوح في الأفق مصلحة أكبر فالعراق سلمت على طبق من ذهب لإيران وسورية أدخلت في الفوضى ثم تم التخلي عن إيجاد حل ناجع لها مع أن الإمكانات متوفرة إذا صحت النوايا والمعيار نفسه ينطبق على البقية ولهذا فان القوة الذاتية هي الضمان الأمثل الذي يمكن التعويل عليه. وهذا يمكن تحقيقه من خلال استقراء العبر والدروس مما جرى ويجري في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار وأخذ زمام المبادرة لننزع فتيل التحريض أينما وجد ودعم ذلك ببناء قدرات إعلامية منافسة بل متفوقة على ما يملكه دعاة الفتنة من وسائل إعلام أقل ما يقال عنها انها وسائل إعلام كاذبة فاحشة فاسقة تضرب على وتر الشعارات الرنانة والطائفية المقيتة وتمارس الخبث في القول والعمل. علمنا التاريخ والتجارب أن قوة أي أمة من الأمم تكمن في المقام الأول بقدراتها الذاتية على الدفاع عن نفسها وذلك من خلال عدد من المنطلقات يتمثل بعض منها في قدرتها الذاتية على التسلح وامتلاك قدرات وإمدادات عسكرية مستقلة لا تخضع لتحكم واحتكار أطراف أخرى من حيث الكمية والنوعية والمخرجات والمدخلات والجودة. وهذا يتم من خلال توطين صناعة السلاح بجميع أنواعه وتقنياته والاستفادة من ذلك لسد الحاجة الوطنية وتصدير الفائض وهذا بدوره يدخل في منظومة تعدد مصادر الدخل وكسر احتكار السلاح الذي يتحكم به عدد محدود من الدول التي تحابي إسرائيل بأفضل أنواع السلاح وبأقصر الأوقات وأقل الأثمان بينما طلبات الآخرين تخضع للمد والجزر والشروط والتمطيط والمنة والمبالغة في الأسعار ناهيك عن خفض قدراتها القتالية والتطبيقية مقارنة بتلك التي تمنح أو تباع لإسرائيل ولهذا فإن: استشعار الخطر يوجب بناء جيش له قدرات عددية وتسليحية ومهنية مثل ذلك الذي تمتلكه المملكة والذي أصبح يحسب له الأعداء ألف حساب وحساب بعدما أثبت جدارته في عاصفة الحزم آخذين بعين الاعتبار أهمية امتلاك الخيار الذي يحاولون امتلاكه وهم على وشك الحصول عليه ناهيك عن دعم ذلك الجيش باحتياطيات بشرية تتناسب مع المخاطر المحتملة. والأخير لا يتأتى إلا من خلال سن نظام خدمة العلم ووجود كثافة سكانية تمثل خط الدفاع الخلفي للقوات المسلحة حيث أثبتت جميع الحروب أن الجيوش يمكن أن تهزم لكن الشعوب يستحيل هزيمتها. صمود منظومة الأمن المائي والدوائي والغذائي من خلال الخزن الإستراتيجي العملي ذلك أن الحروب عندما تشتعل فإن أول أهدافها يصبح استهداف تلك المنظومة وذلك لخلخلة الجبهة الداخلية وإشغال الناس بأنفسهم وهذا ما يفعله الحوثيون والرئيس المخلوع بالشعب اليمني هذه الأيام حيث يقومون باستهداف المدنيين وشبكات الكهرباء وإمدادات الوقود ومصادر المياه والمستشفيات ناهيك عن منع وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى أبناء الشعب اليمني من خلال برامج الاغاثة السعودي والخليجي والدولي. بناء التحالفات الإقليمية والدولية ذات المصالح المتعارضة يجب أن يكون أحد الخيارات الفاعلة ولكن يجب أيضاً عدم التعويل عليه خصوصاً مع الدول الكبرى التي تحكمها المصالح من ناحية وتتحكم بها اللوبيات الصهيونية من ناحية أخرى ذلك أن مثل تلك الدول لا تتعامل على أساس العواطف وتاريخ العلاقة الطيبة أو ما قدم لها من خدمات في الماضي فالماضي بالنسبة لهم انتهى ولهذا هم ينظرون إلى ما يحصلون عليه في الحاضر والمستقبل ناهيك عن أن سياسة تلك الدول لا تخضع لصلاحيات الرئيس بصورة مطلقة فهو لا يعدو أن يكون رمزا تتحكم به وتحركه قوى ولوبيات وتحالفات داخلية هي التي تحكم من وراء الكواليس. فأميركا مثلاً كان اهتمامها بمنطقة الخليج يصل إلى اعتباره خطاً أحمرَ لا يمكن المساومة عليه أو التفريط به وذلك لأن الخليج كان المصدر الرئيس للطاقة بالنسبة لهم وبعد أن تمكنت أميركا من اكتشاف وتطويع البترول والغاز الصخري أصبح لها وجهة نظر أخرى ولا أدل على ذلك من إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن عام (2006) الذي قال فيه إن أميركا سوف تستغني عن بترول الشرق الأوسط وقد جوبه ذلك الإعلان بالتهكم والاستبعاد ولكنه اليوم يتحقق. إن المصلحة هي المتحكم الأول والأخير في سياسات الدول الكبرى وعلى الأخص أميركا. إن الركون إلى التحالف مع الدول الكبرى كمصدر للردع يؤدي إلى التهاون واستمرار الاعتماد على الآخرين في عملية التسليح والتدريب وقطع الغيار وهذا يؤخر التوجه الى بناء القدرات العسكرية الذاتية التي تطال جميع الفعاليات. فالمعدات المستوردة تتقادم مع الوقت وقطع الغيار تزداد أسعارها والمصالح واللوبيات تتحكم بها كماً وكيفاً وتوقيتاً وشروطاً ناهيك عن أن أسرارها تكاد تكون معروفة ومتداولة. إيران فهمت الدرس جيداً بعد حربها على العراق وفهمت بأن القوة والغلبة تكمن في القدرة على التسلح الذاتي وبناء القدرات النووية ولا شك في أن ذلك تم بمؤازرة بعض القوى الفاعلة في الدول الغربية. ولا أدل على ذلك من رواية كارثة 79 (Crash 79) التي صدرت عام(1979م) متزامنة مع الثورة الإيرانية تنبأت بأن تقوم إيران بامتلاك قدرات نووية عسكرية بمساعدة خبيرين أحدهما نمساوي والآخر صهيوني حيث كان من المفترض أن تصنع القنبلة من عنصر البوتاسيوم ذي العمر النصفي القصير (عدة أشهر) للأقل ضرراً ولكن الخبير الصهيوني استبدل البوتاسيوم بعنصر الكوبلت ذي العمر النصف الطويل جداً (عشرات السنين) لإحداث أكبر تدمير ممكن واستمراره لأطول مدة ممكنة. ناهيك عن تنبؤ تلك الرواية باستيلاء إيران على العراق وشن حرب على الخليج ومع أن الرواية ختمت بتمكن المملكة من لجم الحراك الإيراني عسكرياً إلا أن لكل حراك مؤشراته وخلفياته. اليوم الملك سلمان – حفظه الله - يضع الحصان أمام العربة وخير دليل على ذلك الاهتمام بالصناعات العسكرية من ناحية واتخاذ الحزم شعاراً وممارسة للحراك الداخلي والخارجي ودعم ذلك ببناء تحالفات إقليمية تخفف من الاعتماد على التحالفات الدولية التي تتغير بمجرد أن تلوح في الأفق مصلحة أكبر. إيران تعتمد في حراكها الظاهري وصناعتها العسكرية على دعم كل من روسيا وكوريا الشمالية وفي حراكها الباطن تعتمد على التعامل مع أطراف عديدة بما في ذلك سماسرة السلاح وتجاره وصناعه في الغرب وذلك على الرغم من الحصار والحظر الذي لم يتم تنفيذه حتى تمكنت من توطين عدد من الصناعات العسكرية. إن الخبرة في مجالات الصناعات الحربية بصورة عامة والنووية بصورة خاصة ليس من السهل الحصول عليها ناهيك عن تكاليفها الباهظة ومع ذلك حصلت عليها إيران لأن هناك من غض الطرف عنها واكتفى بالتهويش وطمأنة الآخرين. ولهذا فإن التاريخ والتجربة تشيران إلى ان تأرجح المصالح يؤدي الى تأرجح مواقف أصحاب المصالح وحدوث تناغم بينهم وبين الأقوى على حساب الأضعف وهذا ليس بغريب ولكن الغريب استمرار الاعتقاد بان تحالفات الأمس يمكن استمرارها على الرغم من المتغيرات وحسابات المصالح المستجدة وحسابات الضغوط الصهيونية. لهذا فان اتباع سياسة الاعتماد على النفس كخيار أول والتحالف مع الاصدقاء واصحاب المصالح كخيار ثانٍ والعمل بكل جد على تحييد حلفاء الطرف الآخر (إيران) واستمالتهم وذلك مثل روسيا وغيرها من خلال توثيق العلاقة معهم من خلال بناء مصالح مشتركة معهم سواء استثمارية أو تجارية أو تسهيلات متبادلة بحيث يشعرون ان مصالحهم مع دول الخليج والدول العربية الأخرى تفوق مصالحهم مع إيران وهذا بدوره سوف يصب في مصلحة توحيد المواقف ضد الحراك الإيراني الذي يسعى الى زعزعة الاستقرار والتدخل في شؤون الآخرين كما ان جذب تلك الآطراف الى جانبنا يجعل استقرار منطقة الخليج والشرق الأوسط من أولوياتهم. المواجهة ليست الطريق الأوحد لحل مشاكل المنطقة لهذا فلا بد ان تتفتق أذهان جهابذة الحكمة عن حلول ترضي جميع أطراف النزاع بشرط أن تكون الشروط متكافئة ومتوازنة وتطبق بحق كل الأطراف على حد سواء دون تقية او مماطلة. استنزاف الخصم من خلال إشغاله بنفسه بصورة غير مباشرة من أهم وسائل التركيع التي يتم الاعتماد عليها هذه الأيام لتحقيق هزيمة الخصم دون وجود دليل او أثر للفاعل وهذا بالطبع دور الجهات الاستخباراتية ذات القدرات العالية والعلاقات والصلات المتميزة والإمكانيات غير المحدودة في الوصول الى الهدف بصورة مباشرة او غير مباشرة. إن إيران وحدها أضعف من أن تستطيع تهديد المنطقة، على الرغم من وجود مصالح لأطراف أخرى لو لم يكن هناك تناغم مع إسرائيل ومن يقف خلفها ولو لم يوحدهما هدف مشترك أجّلا في سبيل تحقيقة الخلافات وقدما المصالح. بينما العرب أصبحوا نهباً للطرفين. والله المستعان.