×
محافظة المنطقة الشرقية

تخصصي الدمام: استقرار أحد الحالات الحرجة في حادثة القديح

صورة الخبر

ذهبت السكرة، وجاءت الفكرة. انقشعت الهالة السحرية التي أحاطت انتخاب ناريندرا مودي رئيساً لوزراء الهند بأغلبية مطلقة، وتبددت الاحلام التي دغدغت خيالات عشرات ملايين الفقراء، بعد أن تكشف انحياز زعيم الحزب القومي الهندوسي (بهاراتيا جناتا) لصالح طبقة رجال المال والأعمال، من دون أدنى حساسية تجاه السواد الأعظم الذي انخدع بالدعاية الانتخابية الآسرة. نجح مودي في الوصول إلى سدة الحكم بأغلبية مطلقة من دون حاجة للتحالف مع أحزاب أخرى، بفضل توليفة من التحالف الشعبوي الهندوسي وأصداء النجاح الاقتصادي في ولاية غوجارات التي كان رئيساً لحكومتها، ودعم رجال المال والأعمال والصناعة، والمستثمرين الإسرائيليين الذين وجدوا ساحة مفتوحة في الولاية لضخ أموال السحت وغسيل الأموال في مشاريع عقارية ضخمة انتزعت أراضيها من حيازات الفقراء. الأساليب نفسها التي اتبعها مودي خلال رئاسته لحكومة غوجارات يريد الآن وهو رئيس لحكومة الهند تعميمها على سائر أرجاء شبه القارة في جنوب آسيا. وغني عن القول إن المستفيد الأول من هذه السياسات هم طبقة رجال المال والأعمال والصناعة الذين استفادوا من تسهيلاته في الولاية، ودعموا صعوده إلى رئاسة الوزارة في الهند، من أجل تعظيم أرباحهم وتوسيع أعمالهم، وإن كان ذلك على حساب السواد الأعظم من الشعب. التظاهرات التي شارك فيها عشرات الآلاف من المزارعين في العاصمة نيودلهي احتجاجاً على خطة الحكومة لتسهيل مصادرة أراضيهم للأغراض الصناعية والعقارية، مثلت نهاية شهر العسل بين مودي والناخبين. وأحس المزارعون أنهم خدعوا وخابت ثقتهم في الزعيم السياسي الذي وعدهم بالعسل، وفي أول اختبار لم يجدوا منه غير رائحة البصل، تدمع أعينهم. كل الدساتير في العالم باستثناء الصين وزيمبابوي تكفل حق الملكية وتمنع مصادرتها أو نزعها إلا للصالح العام ودفع تعويضات عادلة للمتضررين. وبعض الدول كاليابان تشترط موافقة الملاك الشخصية للمضي قدماً في إجراءات نزع الملكية والتعويض عنها، ودولة صغيرة بمساحة جزيرة مثل سنغافورة تكفل حق التفاوض الجماعي للملاك. انضم مودي إلى الصين وزيمبابوي بتبني سياسة نزع الملكية قسراً، واعتبر أن القوانين القائمة التي سنت في ٢٠١٣ قبل صعوده إلى سدة الحكم، لحماية ملاك الحيازات الزراعية والعقارية من مصادرة أراضيهم وإعادة توطينهم، تضر بالمستثمرين وتحبط أعمالهم وتدفق أموالهم. استجاب مودي لرغبة رجال الأعمال والمال والصناعة، بضرورة تبسيط إجراءات نزع الأرض لجذب الاستثمارات الأجنبية لصالح التوسع في الصناعات بالهند. وأصدر في نهاية ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٤ أوامر تنفيذية لإبطال بعض القوانين التي تحمي الملكية. وألغى بجرة قلم ومن دون أن يطرف له جفن ثمرة نضال طويل خاضته أحزاب وجماعات حقوقية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني من أجل إسباغ الحماية القانونية على الملكية ومنع المصادرات الظالمة. تتهم الاتحادات العمالية والمنظمات الحقوقية واتحادات المزارعين والقرى مودي بالعمل لمصلحة الشركات الكبرى ورجال المال والأعمال، واعتبرت خطوة مودي تصب في اتجاه تعريض عشرات الملايين من المزارعين والسكان أصحاب الحيازات الصغيرة، للفقر واقتلاعهم من أرض أجدادهم ورميهم في أرض خلاء. الأوامر التنفيذية لمودي بتسهيل نزع الملكيات والحيازات وتسليمها إلى أصدقائه من رجال المال والأعمال والصناعة تفتقر إلى الحساسية، فهي تضر بالزراعة وتدفع عشرات الملايين إلى وهدة الفقر والعوز، ولا تراعي اشتراطات السلامة البيئية والتأثيرات الاجتماعية. والأسوأ أن الأوامر التنفيذية أسبغت الحماية القانونية على الموظفين الحكوميين العاملين في مضمار نزع الملكية، وهم عرضة للمساءلة في القوانين القديمة، ما يفتح الباب واسعاً للفساد، وأن تتحول السلطة من حامية للفقراء إلى صديقة للأغنياء.